عرض مندوب الأجراء السيد( س ) للفصل من العمل بدعوى ارتكابه خطئا جسيما لكنه احتج على عدم سلوك المشغل مسطرة الاستماع لتمكينه من الدفاع عن نفسه والتي ينص عليها الفصل 62 من مدونة الشغل خاصة وانه مجرد أجير قبل أن يكون مندوبا للأجراء في حين أن المشغل احتج بدوره بأنه غير ملزم بسلوك هده المسطرة طبقا للفصول 457 و459 من مدونة الشغل
إن مسالة حماية الفئات المحمية بصفة عامة تطرح إشكالا قانونيا في مدونة الشغل ونعني بها مندوبو الأجراء والممثلون النقابيون ا وأطباء الشغل وطبيعة المسطرة الواجب إتباعها
مما لا شك فيه أن النزاعات المتعلقة بهده الفئات والتي يمكن أن تقع في الحياة العملية قد تنتقل من طبيعتها الفردية لتتطور إلى نزاع جماعي مع ما يترتب على دلك من تهديد للسلم الاجتماعي داخل المقاولة فعلى الرغم من أن مدونة الشغل في الفصل457 جعلت أن كل إجراء تأديبي يمكن أن يلجا إليه المشغل سواء في حق مندوب الأجراء الأصلي أو المندوب النائب موضوع قرار يوافق عليه مفتش الشغل سواء بنقل هولاء المناديب من مصلحة إلى أخرى أو من شغل إلى آخر أو إلى توقيفهم من الشغل أو فصلهم عنه كما أن المادة 459 من مدونة الشغل ذهبت بعيدا عندما أعطت للمشغل في إطار سلطته التأديبية إمكانية توقيف مندوب الأجراء حالا في حالة ارتكابه خطا جسيما على أن يكون هدا التوقيف بصفة مؤقتة في انتظار موقف مفتش الشغل بالموافقة أو رفض الإجراء التأديبي الذي أقدم علبه المشغل داخل اجل ثمانية أيام من إشعاره والواقع أن هده النازلة نطرح سؤالا مشروعا حول مدى قانونية استفادة الفئات المحمية من مسطرة الاستماع والمنصوص عليها في المادة 62 من مدونة الشغل باعتبارها آلية شكلية تمكن الأجير بغض النظر عن صفته داخل المقاولة من الدفاع عن نفسه ورد ما يمكن أن ينسب إليه وإحاطة المشغل بحقيقة الأفعال موضوع جلسة الاستماع
إن مسطرة الاستماع قررها المشرع لفائدة جميع الأجراء بغض النظر عن صفاتهم داخل المقاولة لهدا اعتقد انه بالنظر لأهمية جلسة الاستماع في تمكين الأجير من الدفاع عن نفسه و الإجابة عن مختلف استفسارات المشغل أومن ينوب عنه للوصول إلى حقيقة الأفعال المنسوبة إليه بصفة عامة واتخاذ القرارات الصائبة لتصحيح الحالة داخل المقاولة ودلك لتجنب القرارات المتسرعة والتي يمكن أن تصدرها المقاولة دون أن تمكن الأجير من إبداء موقفه والدفاع عن نفسه ونظرا لأهمية هده المسطرة اعتقد أن سلوكها من النظام العام حماية لحقوق جميع الأطراف بالرغم من أن بعض الفقه لا يعتبرها كذلك وحجته في دلك أن مخالفتها لا يترتب عليها أي جزاء جنائي كما هو الحال في اغلب نصوص مدونة الشغل المقرونة بالجزاء الجنائي مما يعني أنها مجرد إجراء شكلي قد يلجا له المشغل
والملاحظ أن مسطرة الاستماع التي نص عليها المشرع في المادة 62 من مدونة الشغل هي مسطرة عامة تهم جميع الأجراء كما أن الفئات المحمية في مدونة الشغل نظرا لدورها في تمثيل العمال وبغية حمايتها حاول المشرع استحداث مساطر إضافية بغية تقوية هده الحماية القانونية نظرا للمهام التي يتطلع بها مندوب الأجراء داخل المقاولة في تمثيل الأجراء وإبلاغ مطالبهم لصاحب المقاولة والتي نصت عليها مدونة الشغل في الفصول 455 و456و460و461
لهدا اعتقد انه من الوجاهة ضرورة تمكين مندوب الأجراء من جلسة الاستماع لإبداء موقفه وملاحظاته من جميع الأفعال المنسوبة إليه خاصة وان هده الجلسة قد تغير موقف المشغل وبالتالي تجعله يقرر العدول عن قرار الفصل الذي كان ينوي اتخاذه نتيجة الحقائق التي قد يستمع إليها إبان الاستماع إلى الأجير مندوب الأجراء فهده ا الآلية تعد أسلوبا ناجعا لحل العديد من الإشكالات العملية داخل المقاولة حيث انه ادا تم استعمالها بطريقة فعالة وخلصت النيات لدى الأطراف فهي تعد أسلوبا ذاتيا و وقائيا ما قبل المساطر الإدارية واعتقد ان هده المسطرة تزداد فعاليتها أكثر نجاعة في القطاع المهيكل نظر لوجود مصالح تهتم بالموارد البشرية ويمكن أن تعمل هده النصوص بالشكل الذي يجعلها أداة لتحقيق السلم الاجتماعي داخل المقاولة في حين أن استعمال هده المسطرة في القطاع غير مهيكل يبدو انه محدود نظرا لعدم الوعي بأهميتها في حل العديد من النزاعات الفردية بصفة ذاتية
أما سلوك المشغل المسطرة التي نصت عليها المادة 457 والمادة 459 من مدونة الشغل بالرغم من سندها القانوني تبدو قاصرة في توفير الحماية الكافية للأجير المندوب خاصة وان المرور مباشرة إلى إعمال هده النصوص يحرم الأجير من مسطرة الاستماع والتي تم الحديث عن فوائدها سابقا خاصة وان المدونة حاولت توفير حماية مضاعفة إلى مثل هده الفئات من العمال نظرا لدورهم الحساس داخل المقاولة
كما أن إحالة النزاع على مفتش الشغل بغية استصدار مقرر الموافقة على الإجراء التأديبي الذي ينوي المشغل اتخاذه في حق الأجير المندوب نتيجة الخطأ الجسيم على حد قول المشغل دون المرور بمسطرة الاستماع قد يجعل موقف المشغل اقل قوة في إقناع مفتش الشغل في منح الموافقة على الإجراء التأديبي المزمع اتخاذه في حق الأجير حيث أن اتخاذ هدا المقرر يقتضي أن يقوم مفتش الشغل بالاستماع إلى الأطراف بغية معرفة مدى صوابية الإجراء المتخذ في حق الأجير وطبيعة الأفعال ومدى التماثل الذي قد يستخلص بين الفعل المنسوب و حجم العقوبة المتخذة من طرف المشغل حيث أن مفتش الشغل في مثل هده الحالة فانه قبل أن يصدر قراره بالموافقة على الإجراء التأديبي من عدمه سيسعى بدون شك إلى محاولة إقناع المشغل بإمكانية العدول عن قراره وبالتالي سحب قراره التأديبي ودلك إعمالا للمادة 532 من مدونة الشغل في فقرتها الرابعة والتي تؤكد على دور مفتش الشغل في إجراء محاولة التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية أما في حالة إصرار المشغل على فصل الأجير فانه في هده الحالة يمكن اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي لفض النزاع إعمالا للمادة 41 من مدونة الشغل أما في حالة عدم التوصل إلى فض النزاع حبيا بعد اتخاذ كل هده الإجراءات بغية التقريب بين وجهة نظر الأجير المندوب والمشغل يمكن لمفتش الشغل أن يصدر قراره بالموافقة على القرار التأديبي من عدمه حيث تكون قد تكونت لديه فكرة واضحة عن مدى صوابية القرار التأديبي من عدمه بعد الاستماع إلى كافة الأطراف والاطلاع على الوثائق المتعلقة بموضوع النزاع لكن تدخل مفتش الشغل يعوقه عامل الزمن حيث أن المشرع ألزمه بضرورة إعطاء موقفه النهائي في اجل لا يتعدى ثمانية أيام وهو اجل ضيق وغير كافي يحاصر مهمة مفتش الشغل والتي تتطلب هامشا واسعا من الزمن للتدخل لدى المشغل من اجل إقناعه للعدول عن موقفه أو التوصل إلى صلح نهائي ينهي النزاع حبيا طبقا للمادة 41 من مدونة الشغل خاصة وان الإجراء التأديبي المتخذ في حق مندوب الأجراء غالبا ما بتعامل معه مفتش الشغل بكثير من الحذر والحيطة لأنه قد يتحول في أي لحظة إلى نزاع جماعي قد يهدد السلم الاجتماعي على الرغم من كونه قد بدا مجرد نزاع فردي
كما أن مسالة إحجام مفتش الشغل عن إبداء رأيه بشان مقرر الفصل من عدمه في ظرف ثمانية أيام كما حددته مدونة الشغل هل يعتبر قبولا للإجراء الذي اتخذنه المقاولة في حق مندوب الأجراء أم رفض لها الواقع أن المقرر الذي يصدره مفتش الشغل في هده الحالة بخصوص قبول فصل مندوب الأجراء أو رفضه يعتبر قرار إداريا مادام صادرا عن سلطة إدارية وقابلا للطعن أمام المحكمة الإدارية حيث يمكن لمن له مصلحة في دلك المطالبة بإلغاء هدا القرار وان سكوت مفتش الشغل عن إبداء رأيه في ظرف ثمانية أيام طبقا للمادة 457 – والتي تؤكد على أن كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه في حق الأجير مندوب الأجراء سواء كان أصليا أو نائبا موضوع مقرر يوافق عليه مفتش الشغل سواء بنقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى أخرى أو من شغل إلى آخر أو إلى فصلهم من العمل – يعتبر قبولا لقرار المشغل لان السكوت ادا تم من طرف سلطة إدارية ادا أحجمت عن الإجابة عن موقفها صراحة واكتفت بالسكوت فانه يفسر في هده الحالة ادا تجاوز ثمانية أيام دون أن تعلن السلطة المعنية عن موقفها قبولا لقرار المشغل…