التدبير:هو التنظيم والترتيب والتصرف والتقرير وتوقع النتائج ، فهو وظيفة إدارية تتجه نحو المستقبل لتحقيق أهداف مرسومة .
التسيير:هو مجموعة من العمليات تهدف إلى ضمان تنظيم جيد للعمل وذلك قصد ضمان مردودية عالية وشفافية و مصداقية لمؤسسة تربوية ،إدارية أوإنتاجية في محيطها.
*المبحث الأول: التعريف الاقتصادي للمقاولة
في بعض الأحيان يستعمل الاقتصاديون كلمة "مشروع" كمرادف لمصطلح "المقاولة" إلا أن مصطلح المشروع لا يفي دائما بغرض التعريف الدقيق للمقاولة. فرغم أن المقاولة تشمل مشروعات اقتصادية ذات مخاطرة، فإن المشروع يمكن أن يحمل في طياته عموميات من شأنها أن تبعدنا عن التعريف الدقيق للمقاولة.
هناك قرارات فردية تتعلق مثلا بالاستعداد لسفر بعيد أو لإنجاز بحث علمي وهي بمثابة مشاريع ذات مخاطرة.
إلا أن المشكل يتمثل في أن هذه المشاريع لا علاقة لها بمصطلح المقاولة التي نحن بصدد دراستها، بل إن حمولتها المعنوية تبعدنا عن المغزى الحقيقي للمقاولة.
أما في المعنى الاقتصادي الصرف، فإن المقاولة هي بمثابة تنظيم يعتمد على رأس المال (المالي والتقني والبشري) وذلك لإنتاج سلع أو خدمات تلبي حاجيات المستهلكين وبيعها في السوق قصد تحقيق الهدف الأسمى للمقاولة: الربح.
يلاحظ من خلال هذا التعريف الاقتصادي أن المقاولة هي أولا وقبل كل شيء بنية اقتصادية واجتماعية، مما يعني أنها تتكون من مجموعة عناصر اقتصادية واجتماعية مترابطة فيما بينها ارتباطا وثيقا بحيث أن إزاحة عنصر أو عدة عناصر من هذه البنية ستؤدي لا محالة إلى تغير البنية كلها.
كما يلاحظ أيضا أن المقاولة تشتغل بطريقة منظمة بفضل تضافر جهود عناصر بشرية كما سنرى في الفصل الثاني المخصص لتسيير وتدبير المقاولة.
إن اشتغال المقاولة بطريقة منظمة يهدف أساسا إلى إنتاج السلع والخدمات وتسويقها لصالح الزبناء. إذن فالمقاولة عكس المشروع في صيغته العامة ترمي أساسا إلى إنتاج السلع والخدمات ليس لنفسها هي ولكن لخدمة السوق والزبون، ومن هنا يتبين أن المقاولة تهدف بالأساس إلى تحقيق الربح من خلال ترويج سلعها وخدماتها.
-النظرة القديمة للمقاولة:
في القديم تعتبر المقاولة وحدة لإنتاج وتوزيع الثروة، فبعد الثورات الصناعية التي أدت إلى وفرة الآلات أصبحت وفرة الإنتاج هي السبيل الأول إلى تحقيق أكبر ربح ممكن.
ü المقاولة وحدة للإنتاج:
في النظرة الكلاسيكية تعتبر المقاولة وحدة للإنتاج، وفي هذه الفترة يعتبر الإنتاج هو السبيل إلى تحقيق أكبر قدر من الربح.
ولتحقيق هذه الغاية، جاء مجموعة من الاقتصاديين الكلاسيكيين
(les classique) بمجموعة من النظريات، ونخص منهم بالذكر Adam SMITH و TAYLOR اللذين تحدثوا عن تقسيم العمل ودوره في الزيادة في الإنتاج.
فعندما يتخصص العامل في إنتاج جزء معين من العمل يمتلك مع مرور الوقت خبرة ومهارة في إنجاز عمله مما يمكنه من تقليص الوقت وبالتالي خفض التكلفة.
من بعدهم جاء H. FORD الذي أسس شركة فورد لصناعة السيارات سنة 1908 في الولايات المتحدة الأمريكية وعمل على تطبيق النظريات السابقة الذكر مع إضافة مبدأ "العمل بالسلسلة" (travail à la chaine) (أو ما يعرف بالفوردية le fordisme) والذي يمكن من نقل الأجزاء المصنوعة من مكان إلى مكان آخر وتجميعها بطريقة ميكانيكية دون الحاجة إلى تنقل العمال وحمل الأجزاء المصنوعة مما يؤدي إلى ربح الوقت وإتقان العمل وبالتالي زيادة الإنتاج.
بعد هذا التقدم الذي أحرزه Ford، قام بدفع أجور العمال للتخفيض من نسبة المغادرة (turn-over)، فهذه الخطوة أدت إلى رفع تكاليف الإنتاج على المدى المتوسط لشركة فورد، مما اضطره مجددا إلى البحث على وسيلة جديدة للتخفيض من تكاليف الإنتاج فاهتدى إلى ما يعرف بـ(le Fordisme périphérique) (الفوردية المحيطية) الذي يرتكز على مبدأ نقل موطن الصناعة من البلد الأصلي للشركة إلى بلد آخر حيث تكلفة الإنتاج منخفضة (مثال الصين، حيث اليد العاملة رخيصة).
ü المقاولة وحدة للتوزيع:
المقاولة تنظيم يعتمد على الرأس المال (التقني والمالي والبشري) لإنتاج السلع والخدمات، لهدف تحقيق الثروة (la création de la richesse)، هذه الثروة تمكن المقاولة من مكافئة جميع المتدخلين في الإنتاج وكذلك لإعادة دورة الإنتاج (cycle de production).
ويمكن تقسيم هذه الثروة بشكل عام على سبعة أنواع:
-العمال: الأجور Salaires
-المؤسسات الاجتماعية: اقتطاعات الضمان الاجتماعي CNSS
-الدولة: الضرائب
-المقرضين: الفوائد والرسوم intérêts et commissions
-الممولين: المشتريات (مواد أولية وسلع...) les Fournisseurs
-الشركاء أو المساهمين: الأرباح أو مقاسيم Dividendes
-المقاولة نفسها: الاحتياطي Réserves.
المبحث الثاني: تصنيف المقاولة
المطلب الأول: التصنيف القديم للمقاولة
قبل ظهور التصنيفات الحديثة، كانت المقاولات تصنف بشكل بسيط فكانت تشمل:
1- المقاولة التجارية Entreprise commerciale: هي مقاولة متخصصة في شراء وإعادة بيع سلع بشكل مباشر، أي دون اللجوء إلى أي طريقة لتحويلها إلى سلع أخرى جاهزة، سواء البيع بالجملة أو نصف الجملة أو بالتقسيط.
2- المقاولة الصناعية Entreprise industrielle: وهي التي تقتني مواد أولية أو نصف مصنعة وتصنعها فتنتج من خلالها منتجات تامة الصنع، جاهزة للاستهلاك أو الاستعمال في تصنيع منتجات أخرى ويتم بيعها في السوق.
3- مقاولة الصيد البحري Entreprise de pêche maritime: وهي التي تعمل على صيد الأسماك قبل بيعها في السوق للمستهلك.
4- المقاولة الفلاحية Entreprise agricole: وهي التي تزاول نشاطها الاقتصادي بالميدان الفلاحي، حيث تنتج منتوجات فلاحية من خضر وفواكه وحبوب...
5- المقاولة الخدماتية Entreprise de services: وهي مقاولة تقوم بإنتاج وبيع سلع غير محسوسة أو ما يسمى بالخدمات كالنقل والفندقة والخدمات البنكية...
6- مقاولة المهن الحرة Entreprise de professions libérales: وهي التي تقوم بنشاط مدني مطابق لمهنة حرة مقننة ذات نفع عام كمكاتب الدراسات الحرة ومكاتب الموثقين وعيادات الأطباء...
المطلب الثاني: التصنيف الحديث للمقاولة
التصنيف الحديث للمقاولة يعتمد على معايير متعددة أهمها:
1- التصنيف حسب القطاعات الاقتصادية: secteurs économiques
يعتمد هذا التصنيف على معيار القطاع الاقتصادي، وعلى هذا الأساس يمكن التمييز بين مجموعة من المقاولات حسب نوع القطاع الاقتصادي الذي تزاول فيه أنشطتها، وهذه القطاعات الاقتصادية إجمالا هي كما يلي:
ü القطاع الأولي: ويشمل الفلاحة والصيد البحري واستخراج المعادن.
ü القطاع الثانوي: ويضم الصناعة والبناء والأشغال العمومية.
ü القطاع الثالث: أي قطاع الخدمات (كالنقل والتجارة).
2- التصنيف حسب فرع النشاط الاقتصادي:
زيادة على التصنيف حسب القطاع الاقتصادي، من المفيد الاعتماد على معيار فرع النشاط الاقتصادي المرتبط بالتصنيف القطاعي.
فالقطاع الاقتصادي يتكون من مجموعة من المقاولات التي تزاول نفس النشاط الاقتصادي الرئيسي، أما فرع النشاط الاقتصادي فهو يتكون من مجموعة المقاولات التي توفر نفس السلعة أو نفس الخدمة.
وعلى هذا الأساس يمكن التمييز بين أنواع متعددة من المقاولات داخل قطاع اقتصادي معين، ففي القطاع الأولي مثلا، يمكن تصنيف المقاولات إلى مقاولات الحبوب، مقاولات مشتقات الحليب، مقاولات الحوامض، مقاولات صيد الأسماك، مقاولات استخراج المعادن...
وكذلك الحال بالنسبة للقطاع الثانوي: مقاولات صناعة الأدوية مقاولات النسيج...
والقطاع الثالث: مقاولات النقل، مقاولات الفنادق، الأبناك...