منتديات رحيل القمر
اهلا بك زائرنا الكريم يشرفنا انضمامك الينا في منتدى رحيل القمر ..لتترك معنا بصمتك ..فلا ترحل دون

ان نرى بريق اسمك معنا ..يحلق في سماء منتدانا المتواضع ..وشكرا لك
منتديات رحيل القمر
اهلا بك زائرنا الكريم يشرفنا انضمامك الينا في منتدى رحيل القمر ..لتترك معنا بصمتك ..فلا ترحل دون

ان نرى بريق اسمك معنا ..يحلق في سماء منتدانا المتواضع ..وشكرا لك









أهلا وسهلا بك إلى منتديات رحيل القمر.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.




آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
شارك اصدقائك شارك اصدقائك شركة تركيب مكيفات اسبلت في عجمان
شارك اصدقائك شارك اصدقائك في خافقي رسم من ورق
شارك اصدقائك شارك اصدقائك اكبر ترحيب للشاعر سامر الرشق
شارك اصدقائك شارك اصدقائك شركة رش مبيدات بالدمام
شارك اصدقائك شارك اصدقائك رحيلي عنكم
شارك اصدقائك شارك اصدقائك الجديدة العضوة دمعه السعودية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك ماهو مفهوم الاعاقة السمعية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك الفليبانسرين هل هو فياجرا نسائية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك تركيب مظلات سيارات الرياض
شارك اصدقائك شارك اصدقائك أترك لك هنا ... بصمه !! بـ ( حديث / دُعاء/ حكمة / نصيحة ) .. !!
الأحد 21 أبريل 2024, 19:37
الإثنين 15 أبريل 2024, 23:39
السبت 06 أبريل 2024, 18:24
الأربعاء 13 مارس 2024, 20:21
الأربعاء 13 مارس 2024, 20:11
الإثنين 19 فبراير 2024, 14:23
السبت 17 فبراير 2024, 09:53
الخميس 08 فبراير 2024, 11:29
السبت 03 فبراير 2024, 19:46
الأحد 14 يناير 2024, 01:59















منتديات رحيل القمر :: التاريخ والحضارات والتراث الاسلامي والعربي :: التاريخ والحضارات :: التاريخ الاسلامي

صفحات الموضوعانتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
شاطر

المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 23 يوليو 2014, 23:31
المشاركة رقم:
ثقتي بربي تكفيني
ادارة

ثقتي بربي تكفيني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 6102
تاريخ التسجيل : 28/08/2013
نقاط : 10777
السٌّمعَة : 20
العمر : 47
المزاج : .
مُساهمةموضوع: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


مأساة المعتمد بن عباد


قَدْ كَانَ دَهْرُكَ إِنْ تَأْمُرهُ مُمْتَثِلاً *** فَرَدَّكَ الدَّهْرُ مَنْهِيًّا وَمَأْمُورَا

بِهذا البيتِ يخاطب المعتمد بن عباد نفسَه، فيلخص سيرتَه الذاتية أيامَ ملكِه وجبروتِه بالأندلس، وأيام ذلِّه وهوانه بـ"أغمات" بضاحية "مراكش"، وذلك في قصيدتِه الرَّائية المشهورة، التي تغنَّيْنا بها صغارًا، ورثينا لحال ناظمها؛ لأنَّه ما ترك سبيلاً لاستدرار الدَّمع من عين قارئ أبياته إلا سلكَه.

ونحن إذْ كنَّا نحزن لأحزانِ الرجل، ونألم لآلامه التي بثَّها في كلِّ لفظ من ألفاظِه، ونستحضر أمامَنا صورَ بناتِه الأميرات اللواتي تبدَّل بهنَّ الحالُ، فصرْنَ يغزِلْنَ للنَّاس بالأجرة - لم يكن يخطر ببالنا إلا هذا الجانب الأوحد من الصُّورةِ التاريخية المركبة، وكان يكفينا أنْ نختزلَ حياةَ المعتمد في قصةِ ملكٍ أديب شاعر، غدر به ملكٌ همجي ظالم، فساقه من حياة الرَّفاهيةِ والمجد إلى عيش الفقر والهوان، ولم نكن نحسب أنَّ من وراء ذلك جوانبَ أخرى تحتاج إلى تأمُّل، قد يفضي إلى صورةٍ أخرى غير التي توحي بها ظواهرُ كتب الأدب.
المعتمد بن عباد ... ما له وما عليه
والحقُّ أنَّ المعتمدَ بن عباد قد اجتمع فيه - في كفتي الخير والشَّر - متناقضاتٌ عجيبة، ترفعُ الرجلَ في بعض إشراقاتِه إلى أعلى مدارج العظمة، وتنحطُّ به في بعضِ مواقفِه إلى أخسِّ دركات البشرية المغرقة في اتصالِها الأرضي، المنبتَّة عن وحي السَّماء.

ما للمعتمد بن عباد
أمَّا في كفةِ الخير؛ فقد كان المعتمدُ بن عباد ملكًا شجاعًا، وفارسًا مغوارًا، عرفته ميادينُ الكفاح، وألفته ساحاتُ الجهاد، وقد أظهر في معركة الزلاقة من البلاءِ الحسن، وصدقِ العزيمة في الحرب، وشدة الصَّبرِ على مكاره الهيجاء ما حفظه له التاريخُ، وأثنى به عليه رواتُه الصَّادقون.



وله في كفةِ الخير أيضًا موقفٌ ناصعٌ، لا يتأتَّى مثلُه إلا لأهل التدين الصَّادقِ، والحمية الإسلامية الرَّاسخة؛ وذلك أنَّ ملوك الطوائف حين تهدَّدهم طاغيةُ الإفرنج، وأوشك على قصد بلادِهم لاستئصال شأفتِهم - أرسل المعتمد إلى أمير المرابطين في "العدوة" المغربية يوسف بن تاشفين، يستنصره ويتقوَّى به، وحين عذله بعضُ المفتونين، وخوَّفوه ضياعَ ملكِه، وذهاب سلطانه، قال كلمته السائرة التي بقيت تتحدَّى النسيان، وتطاول الإهمال، يتناقلها أهلُ التواريخ، وينشأ على حلاوتِها شُداة الأدب الخالد: "رعي الجمالِ خير من رعي الخنازير".


وله بعد ذلك كلِّه، وقبل ذلك أيضًا شيءٌ يشفع له عند أهل الأدب خصوصًا، وعند كلِّ ذي ذوقٍ فني، يحب الظرف، ويعشق الخيال، ويحسن تقدير المعنى النَّبيل، واللفظ الجميل، نعم، كان المعتمدُ شاعرًا فحلاً، أندلسيَّ الطَّبع، رقيقَ الدِّيباجة، سريع البديهة، ظريفًا محببًا، وكثيرٌ من النَّاس يهوون الأدبَ - وإن لم يكونوا في أنفسِهم أدباء - ويحترمون أهلَ الأدب وينظرون بعينِ الصَّفح إلى نقائصِهم، ويقبلون من عيوبِ أهل الفصاحةِ واللسن، ما لا يقبلون مِعْشارَه من أهل الفهاهة والعيِّ.


ما على المعتمد بن عباد
أما في كفةِ الشر، فقد اجتمع على المعتمد مواقفُ مظلمة، تنزلُ بالرجل إلى حضيضٍ يجامعُه فيه أهلُ الاستبداد والترف، والمتشبِّعون بالفكرِ السِّياسي المكيافيلي.

فمن تلك المواقف ما وقعَ له مع ابنِ جهور، وملَّخصُ القصةِ ": أنَّ أميرَ قرطبة عبد الملك بن جهور احتاجَ إلى الاستعانةِ بالمعتمد بن عباد ليدفعَ عنها مَنْ أغارَ عليها، فجاءتْ جيوشُ المعتمد ورابطَتْ بظاهر قرطبة، "وأقاموا بها أيامًا يحمون حماها، وأعينهم تزدحم عليه، ويذبُّون عن جناها، وأفواههم تتحلبُ إليه"، كما يقول ابن بسام الشنتريني، لما انصرفَ العدوُّ عن قرطبة، لم يرع ابن جهور إلا عساكر المعتمد تغدرُ به، بعد أن كانت حليفةً له، مظهرةً ودَّه، فاحتلُّوا بلادَه، وقبضوا عليه وعلى إخوتِه وأهلِ بيته، أذلاء منتهكي الحرمة.


وحفظ التاريخ أنَّ ابن جهور لما وصل إلى وسطِ قنطرة قرطبة خارجًا منها، رفع يديه إلى السَّماءِ وقال: "اللهمَّ كما أجبتَ الدُّعاءَ علينا فأجبْه لنا"، فمضى الزَّمانُ، ودارت على المعتمدِ وأهلِه الدوائرُ، وإذا به يلقى من الذُّلِّ في سجنِ ابن تاشفين، نظير الذي لقيه ابن جهور في سجنِه.


ومن ذلك أيضًا ما حدث له مع وزيرِه أبي بكر محمد بن عمار المهري، الذي كان صفيَّه وخليلَه، ثم وقع منه ما وقع، فسجنَه ولم يرق لاستعطافِه، ثم ذبحه صبرًا فيما ينقل المؤرِّخون، وما أشبَه هذا بأساليبِ عتاةِ المستبدِّين من الملوك والسَّلاطين، وما أبعدَه عن صورةِ الأديب الذي ينضحُ شعرُه بالظرفِ، ويكاد يسيل من الرِّقة!


ومن ذلك - وهو أخطرُ هذه المواقف وأحلكها، لما له من التعلُّقِ بالتَّوحيد - أنَّ المعتمدَ لم يتردَّدْ في الاستغاثةِ بالفنش طاغيةِ الفرنجة، ليردَّ حصار ابن تاشفين عن مدينتِه، يقول ابنُ خلدون: "واستنجد الطَّاغية فعمدَ إلى استنقاذِه من هذا الحصارِ فلم يغنِ عنه شيئًا، وكان دفاع لمتونة مما فتَّ في عضدِه، واقتحم المرابطون إشبيليةَ عليه عنوةً سنة أربع وثمانين، وتقبض على المعتمد وقاده أسيرًا إلى مراكش".


ولذلك فقد استفتى أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين الفقهاءَ في هذه الواقعة، فأفتى أكثرُهم بأنَّها ردة، لكنَّ قاضيه - وبعضَ الفقهاء - لم يرها ردةً ولم يبحْ دمَه.


وما أعظم البَوْن بين الحادثةِ الأولى التي استنكف فيها المعتمدُ أن يستعينَ بالإفرنج، وفضَّلَ على ذلك الارتماءَ في أحضان المرابطين المسلمين، وبين ما آل إليه أمرُه في هذه الحادثة المحزنة!
قصة المعتمد بن عباد مع الرميكية
الرميكية هذه جاريةٌ شغف بها المعتمد، فهتك من أجلِها أستارَ محاسنِ الأخلاق التي يتحلَّى بها أهلُ الحزم من الملوك، وأرباب العزائم من الرِّجالِ.

يقول المقري: "وقد رُوي أنَّها رأت ذات يوم بإشبيلية نساءَ البادية يبعنَ اللبنَ في القِرَب، وهنَّ رافعات عن سوقهنَّ في الطِّين، فقالت له: أشتهي أن أفعلَ أنا وجواريَّ مثل هؤلاء النِّساء، فأمر المعتمدُ بالعنبرِ والمسك والكافور وماء الورد، وصير الجميعُ طينًا في القصرِ، وجعل لها قِرَبًا وحبالاً من إبريسم، وخرجت هي وجواريها تخوضُ في ذلك الطين، فيقال إنَّه لما خُلِع وكانت تتكلَّمُ معه مرةً فجرى بينهما ما يجري بين الزَّوجين فقالت له: واللهِ ما رأيتُ منك خيرًا، فقال لها: ولا يوم الطِّين؟! تذكيرًا لها بهذا اليومِ الذي أباد فيه من الأموالِ ما لا يعلمُه إلا اللهُ - تعالى - فاستحْيَت وسكتت".


سيرة المعتمد بن عباد .. دروس وعبر
وبعدُ فما لنا وللمعتمد بن عباد؟ وفي أيِّ شيء يهمنا المعتمد وما فعله المعتمد، وقد أفضى الرَّجلُ إلى ما قدَّم منذ قرون عديدة؟ وإلى متى نبقي ندوك في سيرتِه وهو الآن بين يدي ربٍّ حكيم عادل، يحاسبُ بالقسط، ولا يُظلمُ عنده أحد؟

الحقُّ أنه لا يهمنا المعتمد، ولا سيرة المعتمد، إلا بمقدارِ ما نستخلصُ من ذلك دروسًا تكون حاديًا لقارئها في سلوكِه الحثيث إلى الله، وعبرًا تكون زادًا لمتدبرها في سعيه إلى معالي الأمور، وبعده عن سفسافها.


وقد تأملتُ فيما سبق بيانُه من المواقف، فاستخلصتُ بعضَ الدُّروس، ولستُ أزعم الحصرَ ولا الاستقصاء، ولكن هذا الذي ظهرَ لي بادي الرَّأي، ولن تعدم حياةُ هذا الرَّجلِ المضطربة بالأحداثِ الجسام، والمتموجة بالفتن العِظام، مَنْ يستخرجُ منها غيرَ هذه العبر.


الدرس الأول: عاقبة الظلم
مرتعُ الظلم وخيم، وعاقبتُه أشدُّ مرارة من الصاب والعلقم، وبينما الظَّالِمُ في غفلتِه مسرورًا بما اقترفتْ يداه، مطمئنًّا إلى دنياه المليئة بالمسراتِ والأفراح - إذا بعادياتِ الأيام تنتزعُه من أوهامه، وتفسدُ عليه زينةَ أيامه، وإذا بالسُّرورِ ينقلبُ حزنًا وكآبة، والسعادةُ شقاءً، والرِّفعةُ ضعةً وذلاًّ، وضياءُ الشَّمسِ حندسًا رهيبًا.



ومن لم يرَ عاقبةَ ظلمِه في الدُّنيا، فإنَّه يراها في الآخرةِ أعظمَ وأنكى؛ فيتمنَّى من هولِ ما يرى هناك أنْ لو عُجِّلتْ له العقوبةُ في هذه الدُّنيا الفانية؛ يفنى نعيمُها كما يفنى عذابُها.
فليحذرِ الظَّلمةُ وأعوانُهم، ومن يرقِّعُ ما انفَتَقَ من سِيَرِهم، ويصلحُ ما تهلهلَ من مواقفِهم؛ بالبيانِ الإعلامي تارة، وبالفتوى الفاجرة تارةً أخرى.
فليحذروا أجمعين، فإنَّ حالَ المعتمد لم يدُم له على خير ما كان يتمنَّاه، وإنَّ نظراءَ المعتمد - بل الذين فاقوه عتوًّا واستكبارًا، وكثرةَ أنصارٍ وأعوان - لم يلبثوا أنْ وجدوا - في يومٍ من أيام الدَّهرِ الجارفة - قصورَ الوهمِ تتساقطُ من حولهم، فكأنها ما كانت، وكأنهم ما كانوا.


الدرس الثاني: التاريخ حافظ أمين
إنَّ التاريخ حافظٌ أمين؛ يحفظُ مواقفَ الخير، وتصرفات الشر، لكنَّه يكتبُ لأهل المواقف الطيبة الناضحةِ بالشجاعة والنبل، الخلودَ في ذاكرةِ الزمن، والبقاءَ في مخيلاتِ النَّاس، ويرمي أهلَ المواقف السيئة في مزابلِ النسيان، وفيافي الإهمال، وليس يبقي ذكرُ أحدٍ من هؤلاء إلا إنِ اقترن بذكرِ أهلِ الخير (كما بقي ذكرُ ابنِ أبي دؤاد لأجلِ اقترانه بمحنةِ أحمد بن حنبل - رحمه الله ورضي عنه)، أو اقتضتْ حكمةُ الله أن يبقي ليكونَ عبرةً للمعتبرين، وعظةً للمتدبرين.

ولذلك حفظ النَّاسُ قديمًا وحديثًا قولة المعتمد: "رعي الجمال خير من رعي الخنازير"، وحفظوا معها أنَّ المعتمدَ أبت له شهامتُه أن يذلَّ لأعداء الدِّين، وفضَّل التضحيةَ بالعرش - إن كان ولا بد - على التضحيةِ بالدِّين، وجهل أكثرُ النَّاس الواقعةَ الأخرى، أو تجاهلوها.
إنَّ النَّاسَ في كلِّ زمانٍ مغرمون بالبطولة، متيَّمون بالشَّجاعة؛ تهفو قلوبُهم إلى الكلماتِ المفعمة بسمو العزائم، والأفعال التي تشي بنبلِ الأخلاق، والتعلق بأسبابِ المجد.
وإنهم في كلِّ زمان أيضًا يبغضون الذُّلَّ، ويكرهون المهانة، ويعافون الخلودَ إلى الأرض، وإذا وقع من أحدِهم شيءٌ من ذلك، لم يسره أن يظهرَ أمام النَّاسِ، بل هو يخفيه كما تُستر السوءات، التي يُستحيى من بروزِها.
لا جرم أنَّهم يذكرون ما يحبُّون، وينسون أو يتناسَوْن ما يكرهون.
ويتأكَّدُ هذا الأمرُ في عصور الهزيمة، وحِقب الانحطاط، حين يعوز النَّاسُ أن يمارسوا البطولة، أو يروها ماثلةً أمام أعينِهم؛ فيلجؤون إلى تمثلِها في التاريخ، وتصورِها في أزمنة الماضي.
فهل يفهمُ أشراف المسلمين وأهلُ الفضلِ منهم هذا المعنى الخطير، فيبادرون إلى تدوينِ أسمائهم في سجلاتِ الفخار، بالمدادِ الذي لا يُمحى؟




الدرس الثالث: الإنسان بين الخير والشر
قد يجتمعُ في الشَّخصِ الواحد خيرٌ وشرٌّ، ويمتزجُ في سيرته حقٌّ وباطل، وتتجاورُ في أقوالِه وأفعاله الحسناتُ والسَّيئات، فالسعيدُ من غلب خيرُه شرَّه، وغمر حقُّه باطلَه، وفاقتْ حسناتُه سيئاتِه.
والمتطلب في بني البشر - حاشا من عصمَهُ الله من الأنبياء والمرسلين - خيرًا محضًا لم تداخلْه شبهةُ شرٍّ، وحقًّا صرفًا لم تخالطْه شائبةُ باطلٍ - كالذي يتطلبُ جذوةَ النَّار المتَّقدة في حضنِ الماء.
فَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لاَ تَلُمُّهُ
عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ



الدرس الرابع: القراءة الشاملة للتاريخ
قراءةُ التاريخِ ينبغي أن تكونَ بنظرةٍ شاملة، لا تجتزئ ببعضَ المواقف والأحداث وتبني عليها حُكْمًا عامًّا، فالاستنادُ إلى بعض مواقفِ المعتمد دون بعضِها الآخر، أفضى ببعضِ النَّاسِ إلى فَهْم مغشوشٍ لشخصيةِ الرَّجل.

ولا يزالُ كثيرٌ من الذين يكتبون في التاريخ - من المعاصرين خصوصًا - ينظرون إلى الدول السَّابقةِ، وأعلام التاريخ نظرةً سطحية، تنطلقُ من فكرةٍ مسبقة جاهزة، ثم تعممها على الشخصِ المحكوم عليه، أو الدولة المراد تقويمها، بطريقةِ التجزيء والاقتطاع.


فإذا أرادوا إظهارَ صورةِ شخصٍ صالح يستحقُّ الثناء، ضخَّموا كلَّ مواقفِه الحسنة، وأغفلوا كلَّ مثالبِه - قلَّتْ أو كثرتْ - والعكس بالعكس.
والحقيقةُ التاريخية في غالبِ الأحيان أعقدُ من ذلك بكثير، وأغلبُ النَّاسِ يجتمع فيهم خيرٌ وشر، وحقٌّ وباطل، فالمنهجُ العلمي يقتضي إبراز كلِّ ما ثبتَ من الحقائق التاريخية، ولا يعملُ منهجَ الموازنات إلا عند إرادةِ إصدار الحكمِ النهائي على الشخص، فحينئذٍ يوازنُ بين الحسناتِ والسيئات، ويحكم بالغالب.
الدرس الخامس: كيف نحكم على الاشخاص؟
إنَّ الحكم على الأشخاص - قدماء أو محدثين - ينبغي أن يكونَ معتمدًا على ضوابطَ شرعيةٍ واضحة، ومن أعظمِ الخطل أن تُتركَ هذه الضوابطُ لغيرِ حملة الشريعة؛ من الأدباء أو الإعلاميين أو كلِّ مَنْ بضاعتُه التقميش السَّاذج في كتب التواريخ.

إنَّ للأدباء - على الخصوص - طرائقُ عجيبةٌ في تزيين القبيح، وتشويه الحسن، وهذه القدرةُ تحسب لهم في مقاماتِ الأدب، ومراتب الفنِّ، ولكنَّها لا يمكنُ أن تغيرَ الحقائق الثابتة، فالحسنُ حسنٌ والقبيحُ قبيحٌ.
ويحضرني في هذا البابِ ما نقله الجاحظُ عن مالك بن دينار أنَّه قال: "ربَّما سمعت الحجاجَ يخطبُ؛ يذكرُ ما صنع به أهلُ العراقِ وما صنع بهم، فيقع في نفسي أنَّهم يظلمونه وأنَّه صادقٌ لبيانِه وحسنِ تخلُّصِه بالحجج".


ويحضرني أيضًا هجاءُ المتنبي لكافور الإخشيدي في تلك الدالية السائرة، التي ما أنشدها طالبُ أدبٍ إلا ظهرَ له المهجوُّ في أقبحِ صورة؛ حسًّا ومعنًى، مع أنَّ التاريخَ يشهدُ لكافور بحسناتٍ ومقامات عالية في العدلِ وسياسة الدولة.


وهذه فتوحُ "سيف الدولة" خلَّدها المتنبي بشعرِه، مع أنَّها إذا قِيست ببعضِ المعارك الكبرى التي انتصف فيها المسلمون من أهلِ الشِّرك؛ كحطين وعين جالوت، لم تكن شيئًا مذكورًا، ولكنَّه سحرُ البيان!
الدرس السادس: المذهب المالكي بين القدماء والحدثين
اشتهر المالكيةُ في القديمِ بالشِّدة في الحقِّ، والصَّرامة في قطع دابرِ الباطل، خاصةً في مسائل الاعتقاد، كما تراه جليًّا في فتواهم التي نقلنا آنفًا، واشتُهِر في المشرقِ إحالة قضايا الزنادقة والمرتدين على القاضي المالكي دون غيرِه، لِمَا عُرِف عن المالكيةِ من تشددٍ في هذا الباب.



أمَّا في هذا العصر، فقد ابتُلي المذهب المالكي بقومٍ ينتسبون إليه زورًا، ما تركوا بابًا من أبوابِ التمييع إلا طرقوه، ولا سبيلاً من سبلِ التَّساهلِ المذموم إلا سلكوه، حتَّى صار المذهبُ المالكي في أذهانِ كثيرٍ من عوام النَّاس مرادفًا للتساهل وموافقة الهوى.
ومن هنا تعظمُ الحاجةُ إلى تصحيحِ هذه الصورة المغلوطة، دونَ إفراطٍ ولا تفريط، وتقعُ مسؤوليةُ ذلك على كبارِ فقهاء المالكية في عصرِنا.
الدرس السابع: التحامل على البربر
قد يقعُ لبعضِ المؤرِّخين أو الأدباء شيءٌ من التحامُلِ غير المقصود - في الغالب - على البربر، أهلِ المغرب الأصليين، ومثاله ما وقع لجرجي زيدان في روايتِه "شارل وعبد الرحمن"، وللشيخِ الأديب العلاَّمةِ علي الطنطاوي - رحمه الله - في قصتِه "عشية وضحاها" ضمن "قصص من التاريخ"، ولغيرهما.

وفي هاتين القصَّتَين يظهرُ البربرُ بمظهرِ الهمج الرِّعاع، الذين لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، ولا يمتون إلى أسباب الحضارةِ بصلة.
والحقُّ أنَّ البربر كغيرِهم من أمم الأرض، فيهم الخيرُ والشرُّ معًا، ولا تتمحض نسبتهم إلى أحدِهما.
نعم، ذكر المؤرِّخون أنَّ انتشارَ الإسلام فيهم مرَّ بكثير من العراقيل، حتَّى إنَّ كثيرًا من قبائلهم ارتدت عن الإسلام نحوًا من اثنتي عشرة مرة ، ولكنَّهم بعد أنْ عرفوا الإسلام حقَّ المعرفة، وخالطتْ بشاشته قلوبهم، تمسَّكوا به أشدَّ ما يكون التمسك، ونافحوا عنه أمامَ أعدائِه، وانطلقوا برايتِه يحملونها ما بين البرانس شمالاً وأقاصي إفريقيا جنوبًا، ولا يزالون - في الغالب - على هذه الحماسةِ الدِّينية إلى يومِ النَّاس هذا.
إنَّ بعضَ الكتاباتِ قد تكون نيةُ أصحابِها حسنةً، ولكنَّها قد تتخذُ مطيةً لبعض دعاة العصبية، وسدنة العنصرية العرقية، فليحذرِ الأدباءُ من إرسالِ أعنَّةِ أقلامِهم في بعض المراتع الوخيمة.



توقيع : ثقتي بربي تكفيني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالخميس 24 يوليو 2014, 23:44
المشاركة رقم:
البرنس اليماني
عضو مبدع

البرنس اليماني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 05/09/2013
نقاط : 4670
السٌّمعَة : 10
العمر : 37
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


موضوع قمة الروعة

إبداع يفوق الوصف

تسلم الآيـآدي

على الطرح الرائع والكـآمل المكتمل

يعطيك الف عــآفية



توقيع : البرنس اليماني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالجمعة 25 يوليو 2014, 23:16
المشاركة رقم:
iyad mon
عضو محترف

avatar

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 2756
تاريخ التسجيل : 17/08/2013
نقاط : 6957
السٌّمعَة : 13
العمر : 40
المزاج : تمام
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


يسلموووو على الموضوعے الجميلے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

نتمنـى منكے الاكثر والتقدمے الى الافضلے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

فيے مواضيعكے الاكثر من رائعهے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

♥♥♥♥♥ اياد ♥♥♥♥♥


توقيع : iyad mon





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 30 يوليو 2014, 19:01
المشاركة رقم:
مشاعر صادقة
عضو محترف

مشاعر صادقة

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 2390
تاريخ التسجيل : 26/08/2013
نقاط : 6476
السٌّمعَة : 13
العمر : 36
المزاج : ا
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


موضوع مميز
نفع الله بما طرح هنا
وثقل به موازينك
وجعلك ممن يدخلون الجنة بلا حساب

ولا سابقة عذاب
وثبت الله حجتك

اللهم امين


توقيع : مشاعر صادقة





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالثلاثاء 05 أغسطس 2014, 21:12
المشاركة رقم:
الجوكر
عضو محترف

الجوكر

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 3744
تاريخ التسجيل : 09/09/2013
نقاط : 8316
السٌّمعَة : 19
العمر : 35
المزاج : ok
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


شكرا لك على هذا الطرح





موضوع قيم ومفيد





ومميز واكثر من رائع





تسلم الايادي





باانتضار الجديد القادم




لك مني اجمل تحية



توقيع : الجوكر





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 06 أغسطس 2014, 20:29
المشاركة رقم:
ثقتي بربي تكفيني
ادارة

ثقتي بربي تكفيني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 6102
تاريخ التسجيل : 28/08/2013
نقاط : 10777
السٌّمعَة : 20
العمر : 47
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


البرنس اليماني كتب:
موضوع قمة الروعة

إبداع يفوق الوصف

تسلم الآيـآدي

على الطرح الرائع والكـآمل المكتمل

يعطيك الف عــآفية
بارك الله فيك على مرورك الطيب
وعلى ردك الجميل والرائع
وجزاك الله خير
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله



توقيع : ثقتي بربي تكفيني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 06 أغسطس 2014, 20:29
المشاركة رقم:
ثقتي بربي تكفيني
ادارة

ثقتي بربي تكفيني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 6102
تاريخ التسجيل : 28/08/2013
نقاط : 10777
السٌّمعَة : 20
العمر : 47
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


اياد كتب:
يسلموووو على الموضوعے الجميلے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

نتمنـى منكے الاكثر والتقدمے الى الافضلے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

فيے مواضيعكے الاكثر من رائعهے
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥

♥♥♥♥♥ اياد ♥♥♥♥♥
بارك الله فيك على مرورك الطيب
وعلى ردك الجميل والرائع
وجزاك الله خير
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله



توقيع : ثقتي بربي تكفيني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 06 أغسطس 2014, 20:30
المشاركة رقم:
ثقتي بربي تكفيني
ادارة

ثقتي بربي تكفيني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 6102
تاريخ التسجيل : 28/08/2013
نقاط : 10777
السٌّمعَة : 20
العمر : 47
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


صادق المشاعر كتب:
موضوع مميز
نفع الله بما طرح هنا
وثقل به موازينك
وجعلك ممن يدخلون الجنة بلا حساب

ولا سابقة عذاب
وثبت الله حجتك

اللهم امين
بارك الله فيك على مرورك الطيب
وعلى ردك الجميل والرائع
وجزاك الله خير
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله



توقيع : ثقتي بربي تكفيني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالأربعاء 06 أغسطس 2014, 20:30
المشاركة رقم:
ثقتي بربي تكفيني
ادارة

ثقتي بربي تكفيني

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 6102
تاريخ التسجيل : 28/08/2013
نقاط : 10777
السٌّمعَة : 20
العمر : 47
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


الجوكر كتب:
شكرا لك على هذا الطرح





موضوع قيم ومفيد





ومميز واكثر من رائع





تسلم الايادي





باانتضار الجديد القادم




لك مني اجمل تحية
بارك الله فيك على مرورك الطيب
وعلى ردك الجميل والرائع
وجزاك الله خير
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله



توقيع : ثقتي بربي تكفيني





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Emptyالخميس 14 أغسطس 2014, 21:44
المشاركة رقم:
غريبة
كبار الشخصيات

غريبة

إحصائيةالعضو

انثى
عدد المساهمات : 5464
تاريخ التسجيل : 17/04/2013
نقاط : 13393
السٌّمعَة : 15
العمر : 58
الموقع : قلب احبابي
المزاج : له الحمد كما ينبغي لجلال وجهه
مُساهمةموضوع: رد: المعتمد بن عباد - دروس من حياته


المعتمد بن عباد - دروس من حياته


شكر جزيلا ع الموضوع الرائع

ننتظر المزيد من الابداع من مواضيعك الرائعه


تحيتي وتقديري لك


وددي قبل ردي .....!!



توقيع : غريبة





صفحات الموضوعانتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
الــرد الســـريـع
..





المعتمد بن عباد - دروس من حياته  Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ , ولا تعبّر بأي شكل من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى