اللمسات الادبية

**nour alhoda** · الأحد 04 مايو 2014, 20:51

خواطر مغتربة

امتصت الحياة طاقات كل خلية من خلايا جسمي ، وبت لا أفرق بين يدي وآنية أغسلها أو كرسيا أمسح غباره ، فكانت رغبة ملحة تطاردني وتهمس لي بالحاح بأن أترك كل شيء لأرى نفسي ، ولم يكن الانتظار طويلا ، عاد ابني ليوقظني من خضم أفكاري طالبا مني مرافقته في رحلة صفية الى عكا وحيفا ، اعتذرت بلباقة ، كنت أود أن يرى بعينيه عالما يحدد ملامحه بأنفاسه هو ، وانطلاقات تساؤلاته .
في الغد أعيد علي طلب الاصطحاب الى عكا وحيفا ، لكن من قبل زوجي فقد اقتضت ظروف عمله أن تنطلق سيارتنا من موقفها أمام بيتي ! فقد أطلت عناقيد من الزغاريد تتراكض من عيني على رموشي كثوب يتراقص بدلال على طفلة العيد .
لم أنبس بكلمة طوال الطريق كانت عيناي تحتضن وتربت على كل اطلالة جبل وكل تمايل شجرة زيتون .
تسارع موجه ، ورأيته الكرمل ، عمدا يمتد أمامي يناجيني ، وترجوني خلجات روحي بأن أتوقف في كل متر يهرول ورائي وأمامي كنت كمن يصلي في محراب الأبد ، وتدفق كياني ليتكىء على شرفات البيوت وأعمدتها الدخانية وعلى اطارات شبابيكها ، فيتراءى لي عالم ليس من هذا العالم ، فتقفز لحظاتي وترتجف اكبارا لجمال هذه الحجارة التي لن تتوقف عن الانسياب في عروقي تحاورني تارة وتسألني تارة ، وتحيرني مرة ، وتعاتبني وتهزني مرات ومرات ، " لماذا استبدلوني "؟!هنا عدت لأرى أن هذا وجهي وهذه عيناي وملامحي ، كنت كمن ينتعش بعد غيبوبة أهل الكهف ! هذه أنا انني أبصر نفسي وأدركها .
لم أنتبه لبوادر الملل على وجه زوجي الا حين رأيت القرى الصناعية ومحطة التكرير شمالا .
للتو بدأت المنظومة التي تقت أجد بدايتها تنفرط وتنفرط ومرة أخرى فقدت كل لغة كنت أعتقد بأني أتقنها وشقني الألم ! لربما تسببت بالضيق لزوجي لربما أراد أن يشاركني شيئا ! لماذا ذهلت عن كل هذا ولم أدرك هذه الأمور ؟!
طال وطال صمتي الى أن شقته بوابة كأنها مارد يخرق الفضاء ويرحب بالقادمين الى عكا ، قفز قلبي يتراكض صاغيا ، يصافح ويعانق هذه البوابة دون اذن مني ، رأيتها تتهكم على قامة نابليون وهي لم تكن تغلق دفتيها واثقة بمناعتها ، رأيتها تناديني وتضمني وتسلبني بسمتها المعتدة ، عدت لأتقن اللغات كلها ، فتتسارع لمحاتي وتنحني مع كل انحناءة في السور الأشم .
كانت حرارة الجو تدوس كل بيادره ولكنني الححت على زوجي أن يتوقف عند الميناء لتلمس قدماي كل ركن وزاوية وبلمحة رأيتني لا أتذكر آلام ظهري وأشق هواء يعشعش لونه في كياني هذا الهواء أدركه وأدعه يداعبني وبدأت قدماي تلتهم الأزقة بنهم يتيم وأتوقف بين الفينة والفينة لأشد انتباه زوجي ليلتفت لتلك الشرفة أو هذه ، وأحكي له عن الخطوط والالتواءات التي تنافي الفنان في دمج روحه في حجارتها .
تقف امرأة عجوز تمسك بيدها باحكام مطبق على نمنمات الطرف الحديدي للشرفة ، وتغرق هي وعيناها في البحر الذي تمخر ذاكرتها عبابه ويغرق عينيها المتوسلتين أو لعلني رأيتها تنتظران ،تشكوان ، تنظر وتنظر ووراءها تنطوي زوايا مهترئة متداعية ، تسمرت ، شلت ارتسمت أمامي لوحة خيوطها لم يكتمل نسيجها ، لوحة خرساء ولكنها تكتب بكل اللغات .
وبغتة ، هناك من يخاطبني من وراء ظهري ، حرارة أنفاسه لفحت عنقي ، استدرت فرأيت القناطر بمجدها المكتوم والأعمدة بتيجانها الرهينة تحاورني وتحاورني نعم انني أسمع سنابك الخيل المطهمة تدق الارض اعتدادا رأيت أسرجة حديدية تتدلى بحدة ، وقدم فارس أبي لوحته الشمس تشد الركاب ثابته ، رأيت صلاح الدين لا بل خالد بن الوليد ، لا بل طارق بن زياد ، لا بل سعد بن وقاص رأيتهم جميعا معا تتبعهم جلجلة الدروع وخلتني أسدل خماري على وجهي بين هذه الجموع الغفيرة المنتظرة على الرصيف لاستقبالهم بعد غزوة .
اختفوا ، لملموا الجلبة حين استحثني زوجي نظرت اليه خلتني لا أعرفه من أين جاء ؟
من وسط جلبة الدروع والبيوت ؟
كنت أرى وجوها أخرى .. تلاشت !
قصدت باحة الجامع الجزار ، صعدت درجات المسجد لاهثة تحت سياط الحر والارهاق استسلمت لأول مقعد عند الباب رفعت عيني لأرى أعمدة رخامية مكلومة ، وأمجادا مثلومة ! رأيت ذلك الضوء من وراء الشجر يتراحى بحياء بين الحجارة التي تلونت بفعل الزمن وفعل الترميم المحيط ،تسلقت بنظري أشجار النخيل تطبق بظلها على القباب وفجأة صاعقة غزت آذاني ، اندفعت زرافات من الطلاب يدخلون بغوغائية تدوس تلك التسابيح الالهية شدهت كأن بي مسا ،رأيت الفتيات اليافعات بلباس تقلص وشد بالقوة بالكاد يغطي بعض الأماكن ليكشف عن أماكن أخرى ماذا حدث للقمصان ؟!
كأنها هربت الى أعلى فأظهرت البطون والأيدي وانكمشت معها أطراف التنانير والبناطيل هل يا ترى بفعل الماء ! أم بفعل قوة طاغية ؟! من أين جاءوا ؟ هل ينتمون لحرم مسجد ! هل يعلمون بأنه مسجد أم كومة من الأعمدة الرخامية ! الكل يتراكض يصرخ ، ويأكل .....
انكمشت في أزمة نفسي " هل ينتمون لهذا المكان !" ولم أر بعد ذلك الا قمصانا منكمشة كوابل من المطر !!
تعب طرفي ، أردت أن أبرح المكان ، أركنت رأسي وخلتني بلمحة أمام بيتي ! تذكرت حينها أن أبحث عن ابني ، فقد تأخر بالعودة سمعته يطرق الباب فتحت بلهفة وتحرق " لماذا تأخرت ؟ ماذا حدث ؟ " ، تمتم : طلاب من صف السابع تركوا مسار الرحلة في عكا أثناء شرح المربي وذهبوا ليشتروا البيرة ويشربونها ! تجمدت عروقي وانمحت كل المعالم وفقط.
رايت الأعمدة وتيجانها المثلومة ؟؟
( منقول )

**بنت المغرب** · الثلاثاء 06 مايو 2014, 14:06

خواطر مغتربة

تسلم أناملك على الموضوع الرائع

لا خلا و لا عدم من مواضيعك الجديدة

بإنتظار مواضيعك المميز ة بكل شوق

يعطيك العافية و إلى الأمام

**حلم عابر** · الإثنين 19 مايو 2014, 19:18

خواطر مغتربة

بارك الله فيك
على هذا الطرح القيم
في انتظار المزيد

خواطر مغتربة 66608710

**حلم الرجال** · الجمعة 23 مايو 2014, 21:24

خواطر مغتربة

بارك الله فيك على هذا الطرح الجميل والمميز

وفي إنتظار جديدك الأروع

لك مني أجمل التحيايا

وكل التوفيق لك يا رب

**nour alhoda** · السبت 12 يوليو 2014, 22:45

خواطر مغتربة

بنت المغرب كتب:: تسلم أناملك على الموضوع الرائع

لا خلا و لا عدم من مواضيعك الجديدة

بإنتظار مواضيعك المميز ة بكل شوق

يعطيك العافية و إلى الأمام

شكرآ جزيلا على هذا المرور الجميل

الذي عطر متصفحي

وبارك الله فيك ...

لك منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى

**nour alhoda** · السبت 12 يوليو 2014, 22:46

خواطر مغتربة

وادي الدموع كتب:: بارك الله فيك
على هذا الطرح القيم
في انتظار المزيد

شكرآ جزيلا على هذا المرور الجميل

الذي عطر متصفحي

وبارك الله فيك ...

لك منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى

**nour alhoda** · السبت 12 يوليو 2014, 22:47

خواطر مغتربة

الرحال كتب:: بارك الله فيك على هذا الطرح الجميل والمميز

وفي إنتظار جديدك الأروع

لك مني أجمل التحيايا

وكل التوفيق لك يا رب

شكرآ جزيلا على هذا المرور الجميل

الذي عطر متصفحي

وبارك الله فيك ...

لك منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى

اللمسات الادبية

الخواطر المنقولة