صفيُّك من قام في همِّك فتقاسمه معك، ورأى حُزنك فلم يتركك حتى يُسرِّيه عنك، وعلِم ثغرةَ عيبٍ فيك فسدَّها بمودَّته، وأدرك زلَّتك فسترها بمُروءته، ولم يطلبك على هذا جزاءً وِفاقًا، وانظر إلى جُلِّ الناس تجدهم لا يُصاحبون إلَّا في أوقات السرور وأحوال المُوافقة، فهؤلاء صُحبةُ طريقٍ ولكُلِّ طريقٍ مُفتَرَق ..
إحدى القصائد الخالدة للشاعر صالح بن عبدالقدوس احد شعراء الدوله العباسيهصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍفالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُواخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراًإنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُواخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْبتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبواودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباًإنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُوزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُواحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِفالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُوالسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِإنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُوكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوهنشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُلا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ في الرِّزق بل يشقى الحريصُ ويتعبُويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاًوالـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُكم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُرغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُوارعَ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْواعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُوإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُوإذارُميتَ من الزمانِ بريبـة أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُفاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْيدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُكُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍإنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُواحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُواحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباًواعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُوإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍوخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُفارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَاطولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُفلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتيفالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ***************************************************