من الصفات الحميدة التي يكتسبها الصائم:
1- الصبر:
تجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة: وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقداره سبحانه وتعالى. فهو صبرٌ على طاعة الله؛ لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها. وعن معصية الله سبحانه؛ لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم. وعلى أقدار الله تعالى؛ لأن الصائم يصيبه ألمٌ بالعطش والجوع والكسل وضعف النفس؛ فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامعٌ بين الأنواع الثلاثة،
قال السيوطي: "شهر الصبر هو شهر رمضان، وأصل الصبر: الحبس، فسمي الصوم صبرًا؛ لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح"
2- الصدق:
إن أولى ما يعلِّمه الصوم للصائم في باب الصدق هو صدقه مع الله؛ إذ الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، وبإمكان المرء أن يدعي الصيام، ثم يأكل خفيةً فيما بينه وبين نفسه.
والصدق نقيض الكذب، أو موافقة الظاهر للباطن، والكذب مخالفة الظاهر للباطن، ولهذا كان وجه الشبه بين الصوم والصدق، أن كلًا منهما لا يطلع عليه إلا الله. والصوم كذلك معينٌ على الصدق في الأعمال فلا يتصف ظاهره بخلاف باطنه؛ وذلك لأن الصوم معينٌ على مراقبة الله، فقد يكون ظاهر المصلي الخشوع في صلاته، لكن قلبه غافلٌ ومشغولٌ عن الله، فالصوم يقطع الشواغل التي تبعد العبد عن ربه.
والصدق يمنع صاحبه من قول الزور، وكذلك الصوم كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»
3- الكرم والجود والبذل والسخاء:
دلت الأدلة الشرعية على أن الحسنات تُضاعَفُ أضعافًا كثيرةً في الزمان الفاضل، كرمضان وغيره. فحريٌّ بالصائم الذي امتنع عن المباحات من المفطرات، وابتعد عن جميع المحرمات، أن يكون ديدنه الاشتغال بالطاعات، على كثرة أنواعها، وتنوع أصنافها، ويتحلى بخلق الكرم والبذل والعطاء، ومن ذلك تفطير الصائمين.
فينبغي للإنسان أن يحرص على تفطير الصائمين بقدر المستطاع، لاسيما إذا كان الصائم فقيرًا محتاجًا، أو عاجزًا. إن الصائم الذي وهبه الله ولو شيئًا من المال، والذي قد تعود طوال العام على الرفاهية في المطعم والمشرب والملبس والمسكن، فغفل عن الفقراء والمساكين، حريٌّ به أن يتغير سلوكه أثناء الصيام، وأن تظهر أحاسيسه تجاه غيره، حين يشعر بألم الجوع العطش، ومرارة الحرمان؛ فيستشعر ما يعانيه إخوانه الفقراء.. يذكر بذلك أخاه الفقير الذي ربما يبيت طاويًا جائعًا فيجود عليه بالصدقة.
5- الحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح:
ينبغي للصائم إن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله أن يقول جهرًا: إني صائم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم»
6- سلامة الصدر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوم شهر الصبر، وثلاثة أيامٍ من كل شهر، يذهبن وَحَرَ الصدر» ووَحَرَ الصدر: أي غشه، أو حقده، أو غيظه، أو نفاقه، بحيث لا يبقى فيه رين، أو العداوة، أو أشد الغضب.
7- العزم وقوة الإرادة:
إن الصوم يربي في الصائم قوة الإرادة النابعة من إيمانه بالله تعالى، وإرادة امتثال أمره بالصوم؛ ابتغاء مرضاة الله؛ وطمعًا في نيل ثوابه الأخروي. فالصيام يدرِّب الصائم على ضبط النفس، والسيطرة عليها، والإمساك بزمامها حتى تنقاد بإذن الله إلى ما فيه خيرها وسعادتها، فإن النفس أمارةٌ بالسوء إلا ما رحم ربي، فإذا أطلق المرء لنفسه عنانها أوقعته في المهالك، وإذا ملك أمرها وسيطر عليها تمكن من قيادتها إلى أعلى المراتب، وأسنى المطالب بإذن الله، وهذا لا يتحقق إلا لمن صام صومًا شرعيًّا مستشعرًا عبادة ربه بذلك، منتظرًا الثواب منه سبحانه.
والصائم الذي أرغم نفسه وحملها على أن تجتنب ما هو مباحٌ لها في الأصل، وسيطر على شهوات جسده، لقادرٌ بإذن الله على أن يجتنب ما حرم عليه من باب أولى في جميع أوقات العمر.
8- السكينة:
يُعَدُّ الصوم في حقيقته طريقًا للخلاص من قوى التدمير النفسي، وهو الطريق المضيء نحو الأمن النفسي، والشعور بالسعادة الروحية. ومن الدواعي التي تجعل الصوم باعثًا للسكينة في قلب الصائم، تكفيره للذنوب والخطايا، الذنوب التي تورث قسوة القلب، وقلق الفؤاد، والاضطراب النفسي والجسدي،
9- ترك الغيبة والكذب والبذاءة والفحش:
إن الصائم الحق يتأثر سلوكه بالصيام في تعامله مع الآخرين، وأما من اتخذ الصيام مجرد عادة، بحيث يصوم إذا صام الناس ويفطر إذا أفطروا، ولم يدخل مدرسة الصيام دخولًا إيمانيًّا، أو هو يفسر الصوم بأنه مجرد إمساكٍ عن المفطرات، فيطلق لسانه وبصره فيما حرم الله، مع أنه يمنع نفسه مما هو مباحٌ له في الأصل من الطعام والشراب والنكاح! فهذا قد ينطبق عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم» . فيجب على الصائم خاصة، الحذر من المعاصي واجتنابها، فهي تجرح الصوم، وتُنقِصُ الأجر، وذلك مثل الغيبة، والنميمة، والكذب، والغش، والسخرية من الآخرين، وسماع الأغاني، والمعازف، والنظر إلى المحرمات، وغير ذلك من أنواع المعاصي والمنكرات.
________________
* أصل المادة مأخوذة من موسوعة الأخلاق الإسلامية.
المصدر: الدرر السنية