منع الاتجار بالأشخاص
هذه المسألة تستوجب التطرُّقَ إليها، خاصة من حيث ضرورةُ تعريفها، وتجلية مفهومها، حيث يعد اتِّجارًا بالأشخاص استقطابُ أو تجنيد أشخاص، أو نقلهم أو تحويل وجهتهم، أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح، أو التهديد بهما، أو غير ذلك من أشكال الإكراه، أو الاختطاف، أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال حالة استضعاف، أو استغلال نفوذ، أو تسليم أو قَبول مبالغَ مالية أو مزايا أو عطايا، أو وعود بعطايا؛ لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر، وذلك بقصد الاستغلال أيًّا كانت صورُه، سواء من طرف مرتكبِ تلك الأفعال، أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.
ويشمل الاستغلال استغلالَ بِغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي، أو الخدمة قسرًا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرقِّ، أو الاستعباد أو التسوُّل، أو نزع الأعضاء، أو الأنسجة أو الخلايا، أو الأمشاج، أو الأجنَّة، أو جزء منها، أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى.
إن المتأمل في هذا السلوك وهذه الأفعال يجزم أنها أعمالٌ غير صالحة، وأنها أعمال بعيدة كلَّ البعد عن الإنسان السَّويِّ والإنسانية؛ لذلك أرى أن الإنسان بفِطرته وبطبعه يعي أنها أعمال شريرة وغير إنسانية، فلماذا إذًا يفعلها بعض الناس وهم يعلمون ويعُون أنها جُرم؟
هنا المسألة مسألة اختيار لنَهْج وسلوك، قد تكون أسباب اتِّباعه عديدة، لكن تبقى إرادة الإنسان ووعيه وعقله، وملكةُ التمييز بين طريق الخير والشرِّ، الأصل في إقرار مسؤولية الإنسان الكاملة في إتيان تلك الأفعال اختيارًا وإصرارًا وانقيادًا وانصياعًا وراء مَطالبَ ورغباتٍ جعلته يغطِّي صوت الإنسان فيه، وصوت الحق وصوت الفِطرة السليمة.
لذلك؛ كان طرح هذه المسألة دافعًا إلى الدعوة إلى ضرورة العمل والحثِّ على أن يكون الإنسان إنسانًا خيِّرًا صالحًا، ذلك نهجه وطريقه؛ فيكون بطبعه وفطرته متجنِّبًا لتلك الأفعال، بل وساعيًا إلى مكافحتها وصدِّها، كلٌّ من موقعه واستطاعته، نصحًا وردعًا، فهذا يدلُّ على اجتماع الإنسانيَّة على منهج واحد؛ هو منهج الخير والصلاح.