منتديات رحيل القمر
اهلا بك زائرنا الكريم يشرفنا انضمامك الينا في منتدى رحيل القمر ..لتترك معنا بصمتك ..فلا ترحل دون

ان نرى بريق اسمك معنا ..يحلق في سماء منتدانا المتواضع ..وشكرا لك
منتديات رحيل القمر
اهلا بك زائرنا الكريم يشرفنا انضمامك الينا في منتدى رحيل القمر ..لتترك معنا بصمتك ..فلا ترحل دون

ان نرى بريق اسمك معنا ..يحلق في سماء منتدانا المتواضع ..وشكرا لك









أهلا وسهلا بك إلى منتديات رحيل القمر.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.




آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
شارك اصدقائك شارك اصدقائك شركة تركيب مكيفات اسبلت في عجمان
شارك اصدقائك شارك اصدقائك في خافقي رسم من ورق
شارك اصدقائك شارك اصدقائك اكبر ترحيب للشاعر سامر الرشق
شارك اصدقائك شارك اصدقائك شركة رش مبيدات بالدمام
شارك اصدقائك شارك اصدقائك رحيلي عنكم
شارك اصدقائك شارك اصدقائك الجديدة العضوة دمعه السعودية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك ماهو مفهوم الاعاقة السمعية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك الفليبانسرين هل هو فياجرا نسائية
شارك اصدقائك شارك اصدقائك تركيب مظلات سيارات الرياض
شارك اصدقائك شارك اصدقائك أترك لك هنا ... بصمه !! بـ ( حديث / دُعاء/ حكمة / نصيحة ) .. !!
الأحد 21 أبريل 2024, 19:37
الإثنين 15 أبريل 2024, 23:39
السبت 06 أبريل 2024, 18:24
الأربعاء 13 مارس 2024, 20:21
الأربعاء 13 مارس 2024, 20:11
الإثنين 19 فبراير 2024, 14:23
السبت 17 فبراير 2024, 09:53
الخميس 08 فبراير 2024, 11:29
السبت 03 فبراير 2024, 19:46
الأحد 14 يناير 2024, 01:59















منتديات رحيل القمر :: القانون العربي المغربي :: القانون العربي المغربي :: السداســــــي الخامس

شاطر

العقود التجارية الدولية 3 (تتمة) Emptyالثلاثاء 11 يونيو 2013, 23:23
المشاركة رقم:
yassin lhabibe
المراقب العام

yassin lhabibe

إحصائيةالعضو

ذكر
عدد المساهمات : 757
تاريخ التسجيل : 28/05/2013
نقاط : 6865
السٌّمعَة : 1
العمر : 32
المزاج : الحمد لله
مُساهمةموضوع: العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


56 – ثانياً: البيوع المستبعدة ضمناً :
هناك بعض البيوع لم تنص الاتفاقية على استبعادها صراحة ، ولكن يمكن استخلاص استبعادها ضمنا من مجموع نصوص اتفاقية فيينا وذلك على النحو التالى :-
(أ) بيع العقار :
تعالج الاتفاقية البيع الدولى للبضائع ، ولما كان العقار لا يعتبر قانوناً من البضائع أو السلع فإنه يستبعد من الخضوع لأحكام الاتفاقية . ونلاحظ أن عنوان القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 باللغة الفرنسية هو بيع المنقولات المادية objets mobiliers corporels بينما يستخدم الأصل الإنجليزى لهذا القانون اصطلاح بيع البضائع sale of goods { صفحة 72 } أما اتفاقية فيينا فانها تستخدم اصطلاح بيع البضائع سواء فى الأصل الفرنسى marchandises أو فى الأصل الإنجليزى .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا وإن كانت تقضى صراحة بأنه لا يشترط لسريان أحكامها أن يكون أطراف البيع من التجار أو أن يكون البيع تجارياً ، إلا أن الواضح من مجموع نصوص هذه الاتفاقية أنها تنصرف أساساً إلى البيع التجارى خاصة بعد أن استبعدت المادة 2 صراحة البيع الذى يرد على سلع استهلاكية ، ذلك أن الهدف من النص على عدم اشتراط تجارية البيع أو الصفة التجارية لأطرافه هو تجنب الدخول فى معيار التفرقة بين العمل التجارى والعمل المدنى وهى تفرقة لا تعرفها بعض النظم القانونية ، فضلا عن اختلاف معيارها فى الدول التى تأخذ بهذه التفرقة .
على أنه من المسلم به أن اصطلاح " سلعة " أو " بضاعة " لا يتضمن التعامل على العقار ، مهما اختلفت طبيعة النظم القانونية لذلك فإن استبعاد العقار من الخضوع لأحكام الاتفاقية ، أمر لا خلاف عليه ، فضلا عن أن نصوص الاتفاقية كلها تعالج بيع البضائع التى تعتبر من المنقولات ، فالنصوص التى تتكلم عن التزام البائع بالتسليم وتعالج بالتالى زمان التسليم ومكانه ، وتتعرض للحالات التى تكون فيها البضاعة المبيعة محل نقل من مكان إلى آخر ثم تعرض للالتزام بتسليم بضاعة مطابقة لما تم الاتفاق عليه من حيث النوع والكمية ، كلها تفترض أن الأمر يتعلق ببيع منقولات ، وأن بيع العقار ليس وارداً ضمن البيوع التى تخضع للاتفاقية .
(ب) بيع المنقول المعنوى :
تؤدى نصوص الاتفاقية كذلك ، إلى أنها لاتسرى على بيع المنقول المعنوى برغم أن الاتفاقية لم تستعمل اصطلاح الأصل الفرنسى للقانون الموحد لاتفاقية لاهاى وهو( بيع المنقولات المادية ) ، إلا أن { صفحة 73 } مجموع نصوص الاتفاقية تؤدى إلى أنها تسرى على بيع المنقولات المادية دون بيع المنقولات المعنوية كحقوق الدائنية وبيع المحل التجارى ، وبيع حقوق الملكية الصناعية والتجارية ، وحقوق الملكية الأدبية والفنية.
57 – ثالثاً : استبعاد عقدى الاستصناع والمقاولة :
تنص الفقرة (1) من المادة 3 من اتفاقية فيينا على أن " تعتبر من قبيل عقود البيع ، العقود التى يتم بمقتضاها توريد سلع يتم صنعها أو إنتاجها ، ما لم يقدم الطرف الذى يطلب هذه السلع جزءاً جوهرياً a substantial part من المواد اللازمة لتصنيعها أو إنتاجها " . وبمقتضى هذا النص فإن بيع السلع المصنوعة أو المنتجة أو التى يتعهد فيها البائع بصنعها أو بإنتاجها ، كبيع صفقة من الآلات سيتم تصنيعها بمعرفة البائع ، أو بيع كمية من القمح سيتم زراعتها بواسطة البائع ، فإن العقد هنا يعتبر عقد بيع ويخضع لأحكام الاتفاقية .
أما إذا قدم الطرف الذى يطلب هذه السلع جزءاً جوهرياً من المواد التى تدخل فى صناعة أو إنتاج السلعة محل البيع ، فإن العقد لا يعتبر فى هذا الفرض من عقود البيع الخاضعة للاتفاقية .
ذلك أن العقد يعتبر بيعا إذا كان الصانع ( البائع ) يقدم من عنده المواد اللازمة لصناعة السلعة ، أما إذا كان طالب السلعة هو الذى يقدم المواد الأولية أو الجزء الأكبر منها ، بحيث يقتصر عمل الطرف الآخر على مجرد صنع السلعة ، أو تقديم جزء غير هام من المواد الأولية بالإضافة إلى صنعها ، فإن العقد لا يعد بيعاً وإنما هو عقد استصناع أو عقد مقاولة (17) وبالتالى يعتبر من البيوع المستبعدة التى { صفحة 74} لا تخضع للاتفاقية . وعلى الطرف الذى يتمسك بأن العقد ليس بيعاً وإنما من عقود الاستصناع التى لا تخضع للاتفاقية ، عبء إثبات ذلك .
وقد استبعدت المادة 6 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 عقد الاستصناع من الخضوع لأحكامه بنص مماثل لنص المادة 3 (1) من اتفاقية فيينا .
وبعد أن استبعدت الاتفاقية عقد الاستصناع من الخضوع لها ، نصت المادة 3 أيضاً فى فقرتها الثانية على أنه " لا تسرى الاتفاقية على العقود التى يكون فيها الجزء الغالب preponderant part من التزامات الطرف الذى يورد السلع إلى طالبها عبارة عن تقديم عمل أو أى نوع آخر من أنواع الخدمات " .
والسبب فى استبعاد هذا العقد أنه يعتبر فى جوهره من عقود المقاولة ، ذلك أن محل عقد المقاولة ، القيام بعمل أو تقديم خدمة إلى الطرف الآخر ، من ذلك مثلا عقود الإنشاءات وأهم صورة لهذه العقود عقد تسليم المفتاح الذى يتفق فيه رب العمل مع المقاول على أن يقوم لحسابه بإنشاء مبنى أو مصنع أو فندق أو مطار أو إحدى المنشآت المتصلة بمرفق عام كمحطات الصرف الصحى أو مترو الأنفاق ، فهذه الصور من العقود قد يقدم فيها المقاول بعض السلع إلى رب العمل ولكن الجزء الهام من العقد هو العمل أو الخدمة التى يقدمها المقاول إلى رب العمل (18) . كذلك قد يتعهد المقاول بتوريد بعض السلع لحساب رب العمل ولكنه يتعهد بتركيبها فى إحدى المنشآت التابعة للأخير ، من ذلك المقاول الذى يورد آلات ميكانيكية أو أجهزة { صفحة 75} كهربائية لإحدى المنشآت ويلتزم بالقيام بتركيبها وتشغيلها ، كالقيام بتركيب آلات يوردها المقاول إلى رب العمل أو القيام بتوريد وتركيب أجهزة تكييف لحساب رب العمل ، فالعقد هنا وان اشتمل فى جزء منه على بيع بعض السلع ، إلا أن جزءاً هاماً منه يتمثل فى القيام بتركيب وتشغيل الآلات والأجهزة التى يوردها المقاول ، ولذلك يعتبر العقد هنا من العقود غير الخاضعة لاتفاقية فيينا ، بشرط أن يثبت أن الجزء الغالب من التزامات المقاول تتمثل فى تقديم عمل أو القيام بخدمة أخرى بحيث لا يعتبر توريد السلع سوى أحد الالتزامات التابعة لالتزامات المقاول فى العقد ، ويمكن أن يستعان فى هذا الصدد لإثبات طبيعة العقد وما إذا كان يعتبر عقد مقاولة أو عقد بيع بتقدير قيمة السلع التى يتم توريدها مع مقارنتها بالأجر الذى سيدفع مقابل العمل أو الخدمة ، فإذا كانت القيمة الأولى هى الغالبة فالعقد يعد بيعا خاضعاً للاتفاقية ، والا فهو عقد مقاولة يستبعد من نطاق الخضوع للاتفاقية لتخضع للقانون المحلى . ويجب أن تكون قيمة الجزء الغالب أكثر من 50 % من القيمة الكاملة للعقد (19).
ولكى يسهل هذا التقدير فإنه ينظر إلى عقد المقاولة كما لو كان متضمنا لعقدين ، عقد توريد السلع وعقد تقديم الخدمات أو العمل ، فالأصل أن يخضع العقد الأول لاتفاقية فيينا بينما يخضع العقد الثانى للقانون الوطنى أو المحلى ، والفيصل فى تحديد ذلك ، الرجوع إلى أحكام القانون المحلى للتحقق مما إذا كان من الممكن ومن المحتم الفصل بين هذين العقدين ، برغم أن إرادة الطرفين تلعب دوراً هاماً فى هذا المجال ، حتى ولو كان القانون المحلى ينظر إلى هذا العقد المركب كعقد واحد . ويعنى ما تقدم أن نصوص العقد والمظاهر التى تحيط به يمكن أن تدل أو تعبر عن نية طرفيه ، لاعتبار العقد عقد بيع بحسب السمة الغالبة عليه أو أنه عقد مقاولة لأن العمل يمثل الجزء الهام فيه برغم اشتماله على توريد بعض السلع . { صفحة 76 }
ومع ذلك فإن المادة 6 من اتفاقية فيينا تسمح لأطراف التعاقد بتعديل الفقرة 2 من المادة 3 منها وذلك باعتبار العقد من عقود البيع ولو كان الالتزام بتركيب الأجهزة أو الآلات التى يتم توريدها يشكل الجزء الغالب من التزامات المقاول ، بحيث يستطيع أطراف التعاقد بإرادتهم إدخال هذا العقد فى مجال الخضوع لأحكام الاتفاقية برغم أنه بحسب نص المادة 3/2 يعد من العقود المستبعدة (20) .
وفى أثناء مناقشة المادة 3 من اتفاقية فيينا ، عرضت المملكة المتحدة ، اقتراحا باستبعاد عقود بيع نقل المعرفة الفنية أو التكنولوجيا من الخضوع لأحكام الاتفاقية ، وهى العقود التى يكون محلها بيع سلعة يتم تصنيعها أو إنتاجها متى قدم صاحب السلعة المعلومات أو الخبرة الفنية إلى الصانع حتى يتم تصنيعها أو إنتاجها ، على أن هذا الاقتراح لم يلق قبولا من أعضاء لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية ، إذ ربما يترتب على الأخذ به استبعاد عدد من عقود البيع الدولى من نطاق الخضوع للاتفاقية (21) { صفحة 77 }
الفرع الثالث
المسائل المستبعدة
58 – أولاً : سريان الاتفاقية فقط على تكوين وآثار عقد البيع :
تنص المادة 4 من اتفاقية فيينا على ما يأتى :
" تحكم هذه الاتفاقية فقط ، تكوين عقد البيع ، وحقوق والتزامات كل من البائع والمشترى والناشئة عن عقد البيع ، وفيما عدا ما يرد بشأنه نص صريح مخالف فى هذه الاتفاقية ، فإنها لا تسرى على وجه الخصوص على ما يأتى :
(أ) صحة العقد أو صحة أى شرط من شروطه ، أو صحة الأعراف السارية عليه.
(ب) الأثر الذى قد يرتبه عقد البيع على ملكية البضائع أو السلع محل البيع " .
وقد تضمنت المادة 8 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 نصاً مماثلاً ولكنها استبعدت أيضاً الأحكام الخاصة بتكوين عقد البيع من نطاق الاتفاقية التى تعالج آثار عقد البيع ، إذ تعالج فى اتفاقية أحكام تكوين عقد البيع ، ولما كانت اتفاقية فيينا تعالج الأمرين معاً كما قدمنا ، فإنها تنص على أنها تحكم فقط قواعد تكوين عقد البيع والآثار المترتبة على العقد ، أما الالتزامات أو قواعد المسئولية التى تنشأ خارج عقد البيع ولكن بسببه ، فإنها لا تخضع للاتفاقية . { صفحة 78 }
59 – صحة البيع وصحة شروطه :
استبعدت اتفاقية فيينا صراحة المسائل المتعلقة بصحة عقد البيع وصحة الشروط التى يتضمنها هذا العقد ، تاركة هذين الأمرين لتنظيم القوانين الوطنية .
ولما كانت اتفاقية فيينا قد نظمت فقط من قواعد تكوين عقد البيع ، أحكام الإيجاب والقبول – كما فعلت اتفاقية لاهاى سنة 1964 – فإن الأركان الأخرى لعقد البيع تخضع لأحكام القوانين الوطنية ، من ذلك قواعد الأهلية وشروط صحة الرضا وعيوبه من غلط وإكراه وتدليس .
ومن ناحية أخرى فإن الأحكام الموضوعية لصحة البيع كمشروعية محل البيع أو سببه لا تخضع لأحكام الاتفاقية ، وإنما تخضع لأحكام القوانين الوطنية ، لأن هذه الأمور من المسائل التى تختلف من دولة إلى أخرى ومن العسير إخضاعها لقواعد موحدة ، إذ ما قد يعتبر مشروعا فى إحدى الدول قد لا يعد كذلك فى دولة أخرى ، كالاتجار فى الخمور مثلا . كذلك قد تختلف القواعد الاقتصادية التى تحكم التصدير والاستيراد والرقابة عليهما من دولة إلى أخرى ، كما تختلف القوانين الوطنية التى تهدف إلى حماية المستهلك . لكل ذلك استبعدت اتفاقية فيينا أحكام صحة عقد البيع أو صحة الشروط التى يتضمنها من الخضوع لها .
60 – صحة الأعراف السارية :
أما عن صحة الأعراف السارية على عقد البيع ، فإن هذا يعنى موافقة العرف للنظام العام فى الدولة (22) ، ولما كانت هذه المسألة تختلف من دولة إلى أخرى بحيث يصعب وضع قاعدة موحدة تلزم { صفحة 79 } الدول باتباع أو احترام هذا العرف ، فإن الاتفاقية آثرت أن تترك هذه المسألة للقوانين الوطنية .
ومع ذلك فقد سمحت الاتفاقية للدول بألا تقر قواعد العرف الدولى الذى يتعارض مع أحكام القوانين الوطنية ، أى التى تتعارض مع قواعد النظام العام فى مختلف الدول (23) ، فإذا كان العرف الدولى مثلا يقضى بالأخذ بسعر فائدة تأخير على ثمن السلع محل البيع ، يزيد على الحد الأقصى المقرر فى قانون دولة معينة ، فإنه لا يجوز الأخذ بهذا العرف فى تلك الدولة .
ونلاحظ أن المسألة المستبعدة فى اتفاقية فيينا فى هذا الشأن هو صحة العرف الثابت دوليا متى تعارض مع النظام العام فى الدولة ، أما تطبيق العرف ذاته فلا يستبعد من نطاق الخضوع للاتفاقية ، والعكس هو الصحيح وفقا للمادة 9 من اتفاقية فيينا التى تقضى صراحة بالتزام أطراف البيع بأحكام العرف ، ما دام أن هذا العرف لا يتعارض مع قواعد النظام العام فى الدولة .
61 – أثر عقد البيع على ملكية البضائع محل التعاقد :
تستبعد اتفاقية فيينا أيضا أثر عقد البيع على ملكية البضائع محل التعاقد ، أى ما إذا كان يترتب على عقد البيع فى ذاته نقل ملكية البضائع محل البيع أم أن ثمة إجراءً معيناً يجب إتباعه لتنتقل الملكية . واستبعاد هذا الأمر منطقى لأن تقرير انتقال ملكية البيع ولحظة انتقال هذه الملكية من الأمور الخلافية التى تتباين فيها النظم القانونية المختلفة والتى ترجع عادة إلى اعتبارات تاريخية تتعلق بهذه النظم ، فمن هذه النظم ما يرتب نقل الملكية على مجرد إبرام العقد ، ومنها ما يربط بين القيام بعمل معين ونقل الملكية من ذلك إفراز المبيع أو تسليمه إلى المشترى .{ صفحة 80}
62 – ثانياً : استبعاد مسئولية البائع عن الأضرار البدنية التى تحدثها البضاعة المبيعة:
تنص المادة 5 من اتفاقية فيينا على أنه : " لا تنطبق أحكام الاتفاقية على مسئولية البائع عن الوفاة أو الأضرار البدنية التى تسببها السلعة المبيعة لأى شخص " (24) .
ويقصد هذا النص أن الاتفاقية لا تنطبق على أحكام مسئولية المنتج عن الأضرار البدنية التى تحدثها السلع المعيبة .
ويعد هذا الحكم من الأحكام المستحدثة فى اتفاقية فيينا والتى لم تنص عليها قواعد القانون الموحد لاتفاقية لاهاى . على أنه يمكن أيضا استخلاص هذا الحكم من نص الفقرة الأولى من المادة 4 من الاتفاقية التى تقضى ضمنا بأنها لا تنطبق على الالتزامات والمسئوليات الخارجة عن نطاق عقد البيع ، إذ قضت هذه الفقرة صراحة بأن الاتفاقية لا تنطبق إلا على قواعد تكوين عقد البيع ، وحقوق والتزامات كل من المشترى والبائع الناشئة عن عقد البيع ، على النحو الذى عرضنا له فيما تقدم .
على أنه يبقى فى نظرنا لحكم المادة 5 من اتفاقية فيينا أهمية خاصة إذ تنشئ هذه المادة حكما لا يمكن استخلاصه من المادة 4/1 من الاتفاقية ، إذ لا تنطبق هذه الاتفاقية بموجب المادة 5 على الأضرار البدنية التى قد تلحق أى شخص بسبب السلعة ولو كانت هذه الأضرار { صفحة 81 } ناشئة للطرف المتعاقد مع البائع أى للمشترى المباشر والتى قد يفهم من المادة 4/1 أنها تخضع للاتفاقية ، أى ولو كان نطاق هذه الأضرار داخلا فى دائرة التعاقد وليس ناشئا عن المسئولية التقصيرية كالأضرار التى تصيب المستهلك الذى يتعامل مع المشترى المباشر من سلعة معيبة بسبب خطأ ارتكبه المنتج فى إنتاجها ذلك أن هذه الأضرار الأخيرة يمكن استخلاص استبعادها ضمنا من نص المادة 4/1 من الاتفاقية ، كما أسلفنا القول .
ونلاحظ أن الاتفاقية لم تستبعد إلا الأضرار البدنية دون الأضرار المادية التى تلحق الممتلكات والتى تحدث مباشرة للمشترى من السلعة المعيبة محل البيع .
63 – ثالثاً : استبعاد أحكام الاتفاقية أو مخالفة أو تعديل حكم فيها ( مبدأ حرية الإرادة فى تحديد نطاق تطبيق الاتفاقية ) :
تنص المادة 6 من الاتفاقية على أنه :
" يمكن لأطراف العقد استبعاد تطبيق هذه الاتفاقية أو مع عدم الإخلال بحكم المادة 12 فإنه يجوز لهم مخالفة أحد نصوصها أو تعديل آثار نص من هذه النصوص " .
ويعنى هذا النص أن من حق طرفى البيع الاتفاق على استبعاد تطبيق أحكام هذه الاتفاقية بالكامل ولو توافرت شروط تطبيقها ، وقد أخذت اتفاقية فيينا فى هذا الخصوص بما قررته المادة 3 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 والتى تقضى بجواز استبعاد أحكام القانون الموحد برمته أو استبعاد بعض أحكامه ، ويرى البعض أن الأخذ بهذا المبدأ يظهر بوضوح احترام مبدأ سلطان الإرادة والاعتداد بحرية المتعاقدين ، ذلك أن النص قرر حقهما فى استبعاد تطبيق القانون الموحد على عقدهما دون أن يقيدهما بتحديد القانون الواجب التطبيق فى هذه الحالة على العقد (25) . { صفحة 82 }
وقد أثير أمام لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية عند مناقشة هذا الحكم ، ما إذا كان يتعين النص على أنه يشترط لتطبيق الاتفاقية أن يختار طرفا عقد البيع صراحة تطبيقها بالنص على هذا الحكم فى العقد ، أم أن هذه الاتفاقية تطبق تلقائيا عند عدم النص فى عقد البيع على تطبيق قانون آخر عليه . وقد رفض اقتراح ضرورة اختيار تطبيق الاتفاقية صراحة فى عقد البيع لإمكان سريان أحكامها لأن من شأن هذا أن يحول الاتفاقية إلى مجرد عقد نموذجى . ولذلك فإن الاتفاقية يمكن استبعاد تطبيقها بالنص صراحة على اختيار قانون آخر وطنى يحكم العقد ، هذا فضلا عن إمكان الاتفاق على استبعاد أحكام الاتفاقية دون النص على تطبيق قانون آخر على العقد وذلك بإمكان استبعاد حكم من أحكام الاتفاقية أو تعديله حتى لو تم ذلك بالنص على الأخذ بشروط عقد من العقود النموذجية . ويعنى ما تقدم أن أحكام الاتفاقية لا تتعلق بالنظام العام ويجوز لطرفى عقد البيع الاتفاق على مخالفتها ، وذلك مع الأخذ فى الاعتبار أن حكم المادة 12 من الاتفاقية يتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفته ، وتقضى المادة المذكورة بألا يسرى الحكم الذى يقرر جواز إثبات عقد البيع بأى طريق من طرق الإثبات غير الكتابة متى كان مركز أعمال أحد طرفى البيع يقع فى دولة متعاقدة تأخذ بالتحفظ الوارد فى المادة 96 من الاتفاقية ، وهو التحفظ الذى يقضى بحق كل دولة متعاقدة يقضى تشريعها بوجوب إثبات عقد البيع بالكتابة فى ألا تطبق أحكام الاتفاقية التى تقضى بجواز إثبات عقد البيع بأى طريق من طرق الإثبات غير الكتابة .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا لم تنص على حكم مماثل لما أخذ به القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 والذى قضت مادته الثالثة بأن استبعاد أحكام القانون الموحد كما يمكنه أن يقع صراحة يمكن أن يكون ضمنا ، وليس معنى هذا أن اتفاقية فيينا لا تأخذ بمبدأ الاستبعاد الضمنى لأحكامها وإنما أرادت الاتفاقية أن تتفادى إسراف { صفحة83 } المحاكم أو تسرعها فى استبعاد أحكام الاتفاقية (26 ) .
هذا ومن المقرر أن حرية المتعاقدين فى عقد البيع الدولى للبضائع لا تقتصر فقط على حقهما فى استبعاد أحكام اتفاقية فيينا عندما تكون واجبة التطبيق ، وإنما يجوز لهما أيضا الاتفاق على تطبيق أحكام الاتفاقية على عقد بيع لا يخضع أصلا لها . مثل عقد بيع سفينة مثلا ، وذلك بالرغم من عدم النص فى الاتفاقية على الأخذ بحكم مماثل لحكم المادة 4 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى التى تقرر صراحة إمكان الاتفاق على تطبيق القانون الموحد على عقد لا يخضع أصلاً لأحكام هذا القانون طبقا لشروط تطبيقه ، على أن مقتضى الأخذ بهذا الحكم فى اتفاقية فيينا ، أن يسمح القانون الوطنى الذى يتم العقد فى ظله بالأخذ به وذلك متى لم يكن من شأن الأخذ بهذا الحكم مخالفة قواعد قانونية آمرة يقررها القانون الوطنى (27) . { صفحة 84 }
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الفصل الأول
(1) (1) Schlechtriem : Uniform Sales Law, the UN Convention on contracts of the international sale of goods, Vienna 1986, p.24.
(2) (2) محسن شفيق ، المرجع السابق ، رقم 176 .
(3) (3) فيكون للدولة التى تأخذ بهذا التحفظ أن تطبق الاتفاقية ولو لم يؤد تطبيق قواعد القانون الدولى الخاص فى هذه الدولة إلى تطبيق قانون دولة متعاقدة .
(4) (4) أنظر ما تقدم رقم 10 ، ص 15 – 17 .
(5) (5) أنظر مؤلف شليشتريم Schlechtriem المشار إليه آنفا ، ص 27 .
(6) (6) محسن شفيق ، رقم 170 ، ص 103 .
(7) (7) أنظر مؤلفنا فى القانون التجارى جـ 1 ، المقدمة .
(8) (8) محسن شفيق ، أرقام 171 ، 172 ، 173 ، ص 104 ومابعدها .
(9) (9) شليشتريم ، المرجع السابق ، ص 28 .
(10) (10) محسن شفيق ، المرجع السابق ، بند 165 ، ص 99 – 100 .
(11) (11) أنظر مؤلفنا فى القانون التجارى جـ 2 رقم 32 ، ص 36 .
(12) (12) شليشتريم ، ص 29 .
(13) (13) محسن شفيق رقم 205 ، ص 123 .
(14) (14) هذه البيوع تعد أيضاً من البيوع المستبعدة وفقاً لاتفاقية لاهاى سنة 1964 .
(15) (15) محسن شفيق رقم 205 ، ص 123 .
(16) (16) وقد اقترح ممثل العراق استبعاد بيوع البترول من نطاق الخضوع لاتفاقية فيينا لأن منظمة الأوبك وضعت عقوداً نموذجية لبيع البترول ، ولكن هذا الاقتراح لم يلق استجابة من باقى الدول الأعضاء فى لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
(17) (17) محسن شفيق ، المرجع السابق رقم 200 ص 117 .
(18) (18) نشير فى هذا الصدد إلى الدليل الذى وضعته لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية لعقود المنشآت الصناعية والتى تضمنت تنظيما خاصا لهذه العقود ، وقد أجيز هذا الدليل فى اجتماع اللجنة الذى عقد فى مدينة فيينا فى أغسطس سنة 1987 .
(19) (19) شليشتريم ، المرجع السابق ، ص 31 ، 32 .
(20) (20) تنص المادة 6 على أنه يمكن لأطراف التعاقد استبعاد تطبيق أحكام الاتفاقية أو مخالفة أو تغيير أثر من الآثار المترتبة على أحد نصوصها .
(21) (21) شليشتريم ص 32 .
(22) (22) محسن شفيق ، المرجع السابق رقم 192 ص 113 .
(23) (23) شليشتريم ص 33 .
(24) (24) تختلف الأضرار البدنية عن الأضرار المادية فالأولى تلحق الجسم البشرى سواء أدت إلى الوفاة أو إلى إصابة بدنية ، أما الثانية فتلحق الأموال أو الممتلكات كما لو ترتب على السلعة المعيبة ضرر مادى للأموال من ذلك لو تسببت الآلة المعيبة التى تم شراؤها فى إتلاف المواد الأولية أو المواد نصف المصنوعة التى تدخل فى صناعة السلعة مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية بمشترى الآلة ، وهى أضرار لم تستبعدها المادة 5 من اتفاقية فيينا .
(25) (25) محسن شفيق ، المرجع السابق ، رقم 209 ، ص 126 .
(26) (26) شليشتريم ص 35 .
(27) (27) شليشتريم ص 36 .

الفصل الثانى
تكوين عقد البيع
64 – تمهيد :
رأينا فيما تقدم أن اتفاقية فيينا قد جمعت فى نصوصها بين الأحكام التى تتعلق بتكوين عقد البيع الدولى للبضائع ، والأحكام الموضوعية لهذا العقد وهما الموضوعان اللذان كانا ينظم كل منهما اتفاقية مستقلة من اتفاقيتى لاهاى سنة 1964 .
وقد تضمن القسم الثانى من الاتفاقية أحكام تكوين عقد البيع بينما نظم القسم الثالث الأحكام الموضوعية للعقد ، وأجازت المادة 92 من اتفاقية فيينا لكل دولة متعاقدة أن تلتزم فقط بأحد القسمين الثانى أو الثالث من الاتفاقية عند التوقيع أو التصديق أو الموافقة أو الانضمام إليها (1) .
ولم تعالج اتفاقية فيينا من قواعد تكوين عقد البيع سوى ركن الرضاء فلم تنظم ركنى السبب والمحل ، بل انها لم تعالج كل أحكام الرضاء ، إذ أنها أغفلت عمداً تنظيم عيوب الرضا لأنها من الأمور التى تختلف فيها التشريعات الوطنية واقتصر التنظيم الذى أتت به الاتفاقية على الإيجاب والقبول ، ذلك لأن اتفاقية فيينا اقتفت أثر اتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين عقد البيع الدولى وقد اكتفت هذه الاتفاقية الأخيرة أيضا بتنظيم جزء من ركن واحد من أركان العقد هو الرضاء ، ولم تتناول منه إلا الإيجاب والقبول ، فأهملت تنظيم { صفحة 85 } قواعد الأهلية والأحكام المتعلقة بعيوب الرضاء لصعوبة الوصول إلى التوحيد التشريعى فيها (2) .
ونلاحظ أن اتفاقية فيينا قد وردت فيها نصوص تتعلق بتفسير العقد وإثباته ضمن القواعد العامة للاتفاقية وقبل النصوص المنظمة لتكوين العقد . ولما كانت أحكام تفسير العقد وإثباته من الأمور التى تتصل بدراسة تكوين العقد ، فإننا سندرس هذه القواعد فى هذا الباب الذى يتعلق بتكوين عقد البيع ، بعد دراسة أحكام الإيجاب والقبول .
ونقسم دراستنا فى هذا الفصل إذن إلى فرعين ، نتناول فى الأول قواعد الإيجاب والقبول ، ونخصص الثانى لتفسير العقد وإثباته . { صفحة 86 }

الفرع الأول
الإيجاب والقبول
65 – تقديم وتقسيم :
ينعقد العقد بإيجاب وقبول يصدران عن طرفى العقد ، دون أن يشترط فى ذلك أن يصدر الإيجاب عن المشترى والقبول عن البائع أو العكس ، إذ العبرة باتصال القبول بالإيجاب الذى يوجهه أحد طرفى العقد إلى الطرف الآخر .
على أن الأمر لا يتم بهذه الصورة البسيطة فى نطاق عقد البيع الدولى ، لأن هذا العقد تسبقه عادة إما مفاوضات بين طرفى البيع ، أو معاملات سابقة بين الطرفين ، بحيث يعتبر سلوك الطرفين كافياً لانعقاد العقد دون حاجة إلى تميز أو تجسيد كل من الإيجاب والقبول .
ووفقاً لأحكام القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 ، فإن الإيجاب والقبول لا ينتجان أثرهما إلا إذا وصلا إلى علم الطرف الآخر ، ويعتبر تسليم التعبير عن الإرادة إلى الطرف الذى وجه له بمثابة وصول هذا التعبير إلى الطرف الذى وجه إليه ، وما يصدق على الإيجاب والقبول ، يصدق أيضا فى القانون الموحد على الرجوع فيهما .
وقد عالجت اتفاقية فيينا أحكام الإيجاب والقبول بنصوص تتشابه فى مجموعها مع أحكام اتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين العقد (3) . وعالجت المواد من 14 إلى 17 من اتفاقية فيينا قواعد { صفحة 87 } الإيجاب offer ، ونظمت المواد من 18 إلى 22 أحكام القبول acceptance .
وندرس فى مبحثين على التوالى كل من الإيجاب والقبول وفقاً لاتفاقية فيينا . ثم نتكلم فى مبحث ثالث عن اقتران الإيجاب بالقبول .

المبحث الأول
الإيجاب
66 – تعريف الإيجاب :
تنص المادة 14 من اتفاقية فيينا فى فقرتها الأولى على أن الإيجاب يعتبر عرضاً محدداً بطريقة كافية ، ويعبر عن إرادة الموجب فى أن يلتزم فى حالة صدور القبول من الطرف الموجه إليه الإيجاب .
ويعنى هذا التعريف بأمرين ، الأول أن الإيجاب لابد أن يتضمن عرضا محددا من الطرف الذى يصدر عنه إلى الطرف الذى يوجه إليه ، أما الأمر الثانى فهو التعبير عن التزام الموجب بالبقاء على ايجابه متى صدر القبول من الطرف الذى وجه إليه الموجب إيجابه .
ويعتبر الإيجاب فى القانون المصرى تعبيراً عن إرادة الموجب ، يصدر بقصد إحداث أثر قانونى هو إنشاء الالتزام ، لذلك لا عبرة بالإرادة التى لم تتجه لإحداث أثر قانونى (4) .
وتعرف محكمة النقص المصرية الإيجاب بأنه : " العرض الذى يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد " (5) . { صفحة 88 }
والغالب أن يبدأ أحد المتعاقدين بالإيجاب يتلوه قبول المتعاقد الآخر ، ولكن ليس من الضرورى أن يأتى الإيجاب سابقاً على القبول ، فقد يتم العقد بتلاقى تعبيرين متعاصرين عن إرادتين متطابقتين .
67 – المفاوضات لا تعتبر إيجابا :
تعتبر المفاوضات فى بعض العقود ، لا سيما فى عقد البيع ، هى المرحلة السابقة على التعاقد ، ولا يصدر عن أحد المتعاقدين إيجابا نهائيا إلا بعد مفاوضات مع الطرف الآخر، فالإيجاب إذن هو نتيجة المفاوضات .
ولا يرتب القانون بحسب الأصل ، على المفاوضات ، أى أثر قانونى ، إذ من حق المتفاوض أن يقطع المفاوضة فى أى وقت ، ولا مسئولية عليه فى هذا المسلك إلا إذا اقترن العدول عن التفاوض بخطأ ممن قطع المفاوضات وتعد المسئولية هنا تقصيرية أساسها الخطأ وليست تعاقدية ترتكز على العدول عن التفاوض . وعلى من يدعى الضرر من العدول أن يثبت خطأ المتفاوض فى قطع المفاوضات (6) .
وقضت محكمة النقض المصرية بأن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أى أثر قانونى ، فكل متفاوض حر فى قطع المفاوضة فى الوقت الذى يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب ببيان المبرر لعدوله ، ولا يرتب هذا العدول مسئولية على من عدل إلا إذا اقترن به خطأ تتحقق معه المسئولية التقصيرية ، ولا يعد مجرد العدول عن إتمام المفاوضة فى ذاته خطأ ، فلابد أن يثبت الخطأ من وقائع أخرى اقترنت بهذا العدول (7) .{ صفحة 89 }
وقد تنتهى المفاوضات إما إلى إيجاب معلق أو إيجاب نهائى ، فالإيجاب المعلق على شرط هو إيجاب لا مفاوضة ، ولكنه لا ينعقد إلا إذا تحقق الشرط الذى علق عليه ، كما لو عرض شخص التعاقد بثمن معين مع الاحتفاظ بحقه فى تعديل الثمن طبقاً لتغير الأسعار ، فالإيجاب هنا معلق على شرط عدم تغير الأسعار (8) .
وإذا خرج الإيجاب من دور المفاوضة ودور التعليق ، أصبح إيجابا نهائيا . ويعد تقرير ما إذا كان الإيجاب قد وصل إلى هذا الدور من مسائل الواقع لا من مسائل القانون فيفصل فيه قاضى الموضوع طبقاً لظروف كل حالة (9) .
68 – التفرقة بين الإيجاب والدعوة إلى الإيجاب :
تقضى الفقرة الثانية من المادة 14 من اتفاقية فيينا ، بأن توجيه العرض إلى مجموعة غير محددة من الأشخاص يعتبر مجرد دعوة إلى توجيه إيجاب أى مجرد دعوة إلى التعاقد ، ما لم يتبين أن الموجب قد أفصح بوضوح عن العكس ، أى ما لم يكن الموجب قد قرر صراحة أن يوجه إيجابا إلى الجمهور (10 ) .
ويعالج هذا النص الحالة التى يوجه فيها شخص دعوة إلى الجمهور للتعاقد ، وفى هذا الصدد يجب أن نفرق بين توجيه الإيجاب { صفحة 90 } إلى الجمهور ودعوة الجمهور إلى التعاقد أو إلى تقديم ايجاب للتعاقد ، فالإيجاب الموجه إلى الجمهور يحدث عندما تعرض البضائع على الجمهور من البائع مع تحديد ثمنها ، أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجارى التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعتبر عند الشك ايجابا وإنما يكون دعوة إلى التفاوض ، وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى المصرى يشتمل على نص صريح فى هذا المعنى هو نص المادة 134 ، وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه ، إذ يسهل على القضاء تطبيق هذا الحكم دون نص عليه (11) .
ويعنى ما تقدم أن الإيجاب يختلف عن الدعوة إلى التعاقد والأمر يتوقف على مضمون التعبير عن الإرادة ، فإذا قام التاجر بعرض بضائعه على الجمهور مع بيان أسعارها فإن هذا يعد بلا شك إيجابا صريحاً موجها إلى الجمهور ، أما مجرد الإعلان عن السلعة حتى مع بيان سعرها فإنه يعد دعوة إلى التعاقد وليس إيجاباً ما لم يتبين صراحة أن التاجر قصد توجيه إيجاب صريح إلى الجمهور .
69 – متى ينتج الإيجاب أثره ؟ :
رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 14 من اتفاقية فيينا تقضى بأن العرض المقدم لإبرام عقد والموجه إلى شخص أو أشخاص معينين يعتبر ايجابا ، إذا كان العرض محددا بطريقة كافية ويعبر عن إرادة الموجب فى أن يلتزم فى حالة صدور القبول من الطرف الموجه إليه الإيجاب ، وتضيف هذه الفقرة بيانا بالمقصود بالعرض المحدد بطريقة كافية ، فهو العرض الذى يعين البضائع التى ستكون محلاً للبيع ، والذى يحدد صراحة أو ضمنا الكمية والثمن أو ينص على طريقة تحديد الكمية والثمن .{ صفحة 91 }
ويمكن تحديد الثمن ضمناً عن طريق الإشارة إلى قائمة أسعار أو أسعار واردة فى كتالوج خاص بالسلعة محل الإيجاب ويمكن أيضا أن يحدد الثمن صراحة أو ضمناً بالإشارة إلى سعر السوق عند التسليم أو فى أى وقت يحدده الموجب فى عرضه .
ومتى تضمن الإيجاب عرضاً محدداً بطريقة كافية على النحو السابق ، فإنه ينتج أثره متى وصل إلى الموجب له أى الموجه إليه الإيجاب وفى هذا تنص الفقرة الأولى من المادة 15 من اتفاقية فيينا على أن ينتج الإيجاب أثره متى وصل إلى الموجب له ، أى المتعاقد الآخر الذى يوجه إليه الإيجاب . ومعنى ذلك أن الإيجاب من وقت وصوله إلى الموجب له يعتبر قائماً ويلزم الموجب بالتعاقد إذا تقدم له من يقبل إيجابه .
فالإيجاب متى استكمل وجوده القانونى يلزم الموجب بالتعاقد فى حالة قبول الموجه إليه ولكن لا يعنى هذا أن الإيجاب يعتبر باتاً منذ صدوره إذ يظل الرجوع فيه جائزاً قبل أن يستكمل الإيجاب وجوده القانونى . والإيجاب ، يستكمل هذا الوجود كما قدمنا ، متى تضمن عرضاً محدداً على النحو السالف بيانه ، ومتى وصل إلى الموجه إليه العرض .
ويلاحظ أن الإيجاب الذى يلزم صاحبه عند قبول الموجب له أى الذى ينتج أثره لا يعتبر بالضرورة إيجاباً باتاً إذ يجوز الرجوع فيه . فالرجوع فى الإيجاب لا يكون إلا متى استكمل الإيجاب وجوده القانونى لأنه قبل ذلك لا يكون هناك إيجاب ملزم ، أما بعد استكمال وجوده القانونى بتوافر شرطى استكمال هذا الوجود ( عرض محدد ووصوله إلى الموجب له ) فيجوز الرجوع فيه ، ما لم يكن باتاً ، لأن الإيجاب البات هو الإيجاب الذى لا يجوز الرجوع فيه (12) . وسنعرض فيما بعد المقصود بالإيجاب البات .{ صفحة 92}
وتطبيقاً لما تقدم ، تقضى الفقرة الثانية من المادة 15 من اتفاقية فيينا بأن الإيجاب ولو كان ملزما irrevocable يمكن سحبه withdrawal أى الرجوع فيه إذا وصل الرجوع إلى الموجب له قبل أو عند وصول الإيجاب إليه .
ويعنى النص السابق أن الإيجاب بعد أن يستكمل وجوده القانونى بأن كان مشتملاً على عرض محدد ووصل إلى علم الموجب له ، ويعتبر بالتالى غير قابل للعدول عنه أو تعديله ، لأن التعديل صورة من صور العدول ، وإنما يمكن سحبه ، إذا وصل السحب إلى الموجه إليه الإيجاب قبل أو عند وصول الإيجاب إلى هذا الأخير .
ويأخذ القانون المصرى بحكم مشابه لما قضت به اتفاقية فيينا . إذ تنص المادة 91 من التقنين المدنى على أن ينتج التعبير عن الإرادة أثره فى الوقت الذى يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك .
ويعنى النص المتقدم أن التعبير عن الإرادة متى كان ايجابا ، فإنه لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم المتعاقد الآخر الذى يوجه إليه الإيجاب وأقام النص قرينة على أن وصول الإيجاب يعتبر قرينة على العلم ، ولكنها قرينة بسيطة ، فيجوز أن يثبت الموجه إليه الإيجاب أنه لم يعلم به بالرغم من وصوله . ولا يجوز الرجوع فى الإيجاب متى قبله الموجب له أو كان باتاً .
70 – الإيجاب البات :
لم يتضمن التقنين المدنى المصرى السابق نصاً يلزم الموجب بالبقاء على إيجابه مدة كافية لاقتران القبول به ، وذهب القضاء إلى منح الموجب حق العدول قبل أن يقترن الإيجاب بالقبول ، على أن يلتزم الموجب بالبقاء على إيجابه إذا حدد أجلا للقبول سواء كان هذا { صفحة 93 } التحديد صريحاً أو ضمنياً وقرر القضاء أن أساس التزام الموجب بالبقاء على ايجابه هو العقد الضمنى بين الموجب والموجه إليه الإيجاب يلزم الأول بالبقاء على إيجابه طيلة المدة المحددة من جانب الموجب ، وأقر الفقه موقف القضاء فى إلزام الموجب بالبقاء على إيجابه خلال الأجل المحدد متى اقترن الإيجاب بأجل ، ولكن اختلف الفقه حول أساس التزام الموجب بين نظرية الإرادة المنفردة ونظرية العقد الضمنى ، ونظرية المسئولية التقصيرية (13) .
وأقر التقنين المدنى الجديد الوضع بنص صريح هو نص المادة 93 الذى يقضى بأنه إذا عين ميعاد للقبول ، التزام الموجب بالبقاء على ايجابه إلى أن ينقضى هذا الميعاد. والنص صريح فى أن أساس التزام الموجب بالبقاء على إيجابه هنا ، هو الإرادة المنفردة وهى إحدى الحالات التى جعل منها التقنين المدنى الجديد ، الإرادة المنفردة أساسا للالتزام (14) .
وقد نصت المادة 93 مدنى مصرى على أن تحديد ميعاد القبول كما يكون صريحا فقد يكون ضمنياً ، يستخلص من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة .
وهذا التقديم السابق للإيجاب الملزم فى ظل القانون المصرى لازم لفهم المقصود بالإيجاب البات فى اتفاقية فيينا ، إذ تنص المادة 16 من هذه الاتفاقية على ما يأتى :-
" 1 – يمكن العدول عن الإيجاب إلى الوقت الذى يبرم فيه العقد ، إذا وصل هذا العدول إلى الموجه إليه الإيجاب قبل أن يرسل هذا الأخير قبوله .
2 – ومع ذلك ، لا يجوز العدول عن الإيجاب فى الحالتين الآتيتين : - {صفحة94}
(أ) إذا تبين أنه غير قابل للعدول عنه ، سواء بتحديد ميعاد ثابت للقبول أو بأى طريق آخر .
(ب) إذا وجد ما يبرر أن يعتمد الموجب له على الإيجاب باعتباره غير قابل للعدول عنه ، وتصرف هذا الأخير اعتماداً على بقاء الإيجاب " .
ويعنى هذا النص أن الإيجاب متى صدر من الموجب متضمناً عرضاً محدداً ووصل إلى الموجب له يعتبر قائماً منتجاً لأثره ، ولكنه يمكن للموجب العدول عنه حتى إبرام العقد أى مادام لم يقترن القبول بالإيجاب ، أى متى وصل العدول إلى الموجه إليه الإيجاب قبل أن يقوم هذا الأخير بإرسال أو تصدير قبوله إلى الموجب .
فالإيجاب فى هذه الصورة التى نصت عليها الفقرة (1) من المادة 16 من اتفاقية فيينا يعتبر قائماً منتجاً لأثره ولكنه ليس باتاً . وقد نصت الفقرة (2) على حالتين يعتبر فيهما الإيجاب باتا ، وهما : -
1 – حالة تحديد مدة للقبول أو استخلاص أن الموجب ملزم بعدم العدول عن ايجابه من واقع ظروف الحال المرتبطة بتفسير الإيجاب .
2 – إذا اعتمد الموجه إليه الإيجاب اعتماداً له ما يبرره على عدم قابلية الإيجاب للعدول عنه وتصرف على ضوء ذلك . ولا يغطى هذا النص فقط الحالات التى يكون فيها الإيجاب بذاته غير قابل للعدول عنه صراحة ، ولكن أيضا متى كان مسلك الموجب أو الظروف الخاصة أو متطلبات العرض المقدم منه أو طبيعة الصفقة المقترحة تبرر اعتبار الإيجاب غير قابل للعدول عنه لمدة معقولة (15) . من ذلك مثلا لو كان { صفحة 95} محل البيع آلات تباع تحت شرط التجربة ، فإنه يستفاد من ذلك أن الموجب يظل ملتزما بالبقاء على ايجابه المدة اللازمة للتجربة ، وعند النزاع حول تحديد هذه المدة تولى القاضى تقديرها (16) . كذلك لو صدر الإيجاب إلى شخص يقيم فى دولة أخرى ، فإن الفرض أن الموجب ينبغى عليه أن يبقى على إيجابه المدة المناسبة لوصول القبول إليه بفرض أن الإيجاب قد وصل فى الميعاد المقرر لوصوله (17 ) .
71 – سقوط الإيجاب :
نصت المادة 17 من اتفاقية فيينا على أن يسقط الإيجاب ولو كان غير قابل للعدول عنه ، عندما يصل إلى الموجب رفض الموجه إليه الإيجاب .
ومؤدى هذا النص أن الإيجاب ولو كان باتا ، فإنه يسقط متى رفضه الموجه إليه ولو لم تنقض المدة التى حددها الموجب للقبول .
ويسقط الإيجاب منذ اللحظة التى يصل فيها إلى الموجب رفض الإيجاب من الموجه إليه . وقد يقع هذا الرفض بصورة قاطعة ، وقد يتضمن تعديلاً فى الإيجاب فلا يعد هذا قبولا ينعقد به العقد بل يعد ايجاباً جديداً ، وسنعرض لذلك الكلام عن القبول ، وقد يتضمن الرفض عرضا لإيجاب جديد يختلف تماما عن الإيجاب الأول .
وتأخذ اتفاقية فيينا بنظرية وصول التعبير عن الإرادة ، لكى ينتج هذا التعبير أثره فقد رأينا أن المادة 15 منها تعتبر الإيجاب منتجاً لأثره متى وصل إلى الموجه إليه الإيجاب ، كذلك يسقط الإيجاب وفقا للمادة 17 من الاتفاقية متى وصل رفض الموجه إليه الإيجاب إلى الموجب ولو كان الإيجاب غير قابل للعدول عنه ، وسنرى عند الكلام عن القبول أن اتفاقية فيينا تتبنى أيضا نظرية وصول التعبير عن { صفحة 96 } الإرادة ، وتحدد المقصود من تعبير الوصول فى المادة 24 على ما سنرى فى الفرع الثالث من هذا الفصل .
ولم تتضمن اتفاقية فيينا حكماً مماثلاً لحكم المادة 11 من القانون الموحد الملحق باتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين عقد بيع المنقولات المادية ، والتى تقضى بأنه لا تحول وفاة أحد أطراف العقد أو فقدانه الأهلية قبل القبول دون تكوين العقد إلا إذا تبين عكس ذلك من قصد المتعاقدين أو من العرف أو من طبيعة التعامل . وهذا هو ذات الحكم الذى أخذ به التقنين المدنى المصرى فى المادة 92 والتى تقضى بأنه إذا مات من صدر عنه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره ، فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه ، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل .
ويعنى هذا الحل سواء فى ظل القانون الموحد أو القانون المصرى ، أنه لا يترتب على الوفاة أو فقدان الأهلية سقوط الإيجاب بل يظل الإيجاب قائماً .
ونلاحظ مع أستاذنا الدكتور محسن شفيق أن هذه المسألة ليست لها أهمية تذكر فى البيوع الدولية لأنها تجرى عادة بين أشخاص اعتبارية لا يعتريها الوفاة أو فقدان الأهلية (18) . ولعل هذا هو السبب الذى أدى بلجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية إلى إغفال تنظيم هذا الموضوع فى اتفاقية فيينا سنة 1980 . { صفحة 97 }
المبحث الثانى
القبول
72 – تعريف القبول :
القبول هو التعبير الذى يصدر عن الموجه إليه الإيجاب ، معلناً عن إرادته بالرضاء بالعرض الذى وجهه إليه الموجب دون تعديل فيه .
وقد نصت المادة 18 من اتفاقية فيينا فى فقرتها الأولى على أن " يعتبر قبولا ، التعبير أو السلوك الذى يصدر عن الموجه إليه الإيجاب والذى يدل على موافقته على هذا الإيجاب . ولا يعتبر السكوت أو الموقف السلبى فى ذاتهما قبولاً " .
ويعنى هذا التعريف أن القبول كما يكون صريحاً بصدور تعبير محدد يدل عليه ، من الموجب له ، فإنه قد يكون ضمنيا باتخاذ الموجب له سلوكا يعبر عن موافقته على الإيجاب الموجه إليه كما لو قام المشترى بدفع الثمن أو قام البائع بتسليم المبيع .
وقد أكدت الفقرة الثانية من المادة 18 أن السكوت لا يعد فى ذاته قبولاً ، كذلك فإن الموقف السلبى من جانب الموجب له لا يصل إلى درجة القبول . فسكوت الموجه إليه الإيجاب لا يرقى إلى درجة القبول الضمنى . وقد نصت المادة 2 من القانون الموحد لاتفاقية لاهاى سنة 1964 بشأن تكوين عقد البيع على أن كل شرط يرد فى الإيجاب ليشترط اعتبار السكوت قبولاً يعتبر باطلاً. وهذا النص الذى يعتبره البعض ، النص الآمر الوحيد فى اتفاقيات لاهاى (19) ، لم يرد ما يماثله فى اتفاقية فيينا .{ صفحة 98}
وتقضى المادة 98 من التقنين المدنى المصرى بأنه إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجارى أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول ، فإن العقد يعتبر قد تم ، إذا لم يرفض الإيجاب فى وقت مناسب ويعتبر السكوت عن الرد قبولا ، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه .
وهذا النص يعنى أن السكوت فى ذاته مجرداً عن أى ظرف ملابس له ، لا يكون تعبيراً عن الإرادة ولو قبولاً ، لأن الإرادة عمل إيجابى والسكوت موقف سلبى ، والقاعدة الشرعية أنه " لا ينسب لساكت قول " ، وإذا كان هذا هو الأصل فإن الاستثناء أن يعتبر السكوت قبولاً إذا أحاطت به ظروف ملابسة من شأنها أن تجعله يدل على الرضا ويسمى السكوت فى هذه الحالة " السكوت الملابس " (20) .
وقد عرض المشرع المصرى للأمثلة التى تحيط فيها بالسكوت ظروف ملابسة ، كما لو جرى العرف التجارى على أن يعتبر السكوت رضاء ، أو كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين أو تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه ، وسكت هذا فيعد سكوته رضاء.
وبالرغم من أن اتفاقية فيينا لم يرد فيها نص صريح يؤدى إلى اعتبار السكوت الملابس قبولاً ، فإنه يمكن أن يستخلص هذا الحكم من عبارة الجملة الثانية من الفقرة الأولى من المادة 18 التى تقضى - كما ذكرنا - بأن السكوت أو الموقف السلبى لا يعتبران فى ذاتهما in itself قبولاً ، ومؤدى هذا التعبير الأخير أنه متى ارتبط بالسكوت ظرف من الظروف فإنه يمكن اعتباره قبولا ، ويجد هذا التفسير صدى له فى نص الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من اتفاقية فيينا ، وهو نص خاص بتفسير العقد ، فيعطى للظروف الملابسة أهمية { صفحة 99 } خاصة فى تحديد إرادة المتعاقدين ، على النحو الذى سنعرض له عند الكلام عن تفسير العقد فى الفصل الثانى من هذا الباب ، هذا فضلا عن أن السكوت قد يعتبر ، استثناء ، من القاعدة العامة فى اتفاقية فيينا ، بمثابة قبول ، وفقاً للعادات التجارية السارية (21) .
73 – متى ينتج القبول أثره ؟ :
الأصل أن القبول لا ينتج أثره وفقاً لأحكام المادة 18/2 من اتفاقية فيينا إلا متى وصل إلى الموجب ، ويمكن سحب القبول أو الرجوع فيه متى وصل هذا الرجوع إلى الموجب قبل أو على الأقل فى نفس وقت وصول القبول طبقاً لنص المادة 22 من اتفاقية فيينا .
ولا يعتبر القبول منتجاً لأثره إذا لم يصل إلى الموجب خلال الميعاد الذى حدده فى إيجابه أو خلال ميعاد معقول ، إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول ، ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار فى تحديد الميعاد المعقول ظروف التعامل بما فى ذلك سرعة وسائل المواصلات التى استخدمها الموجب . وإذا كان الإيجاب شفوياً وجب أن يكون القبول فورياً ، إلا إذا اتضح من الظروف غير ذلك ( المادة 18/2 من اتفاقية فيينا ) .
وعلى أية حال ، فإنه متى تضمن الإيجاب أو دل التعامل السابق بين المتعاقدين أو قضى العرف بأن الموجه إليه الإيجاب ، عليه أن يعبر عن قبوله بالقيام بعمل معين كإرسال البضاعة المبيعة أو دفع الثمن ، دون إخطار الموجب ، فإن القبول ينتج أثره منذ اللحظة التى يقوم فيها الموجه إليه الإيجاب بهذا العمل ، بشرط أن يتم هذا العمل { صفحة 100} خلال الميعاد المحدد فى الإيجاب لصدور القبول أو خلال الميعاد المعقول إذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول ( المادة 18/3 من اتفاقية فيينا ) .
وقد رأينا فيما تقدم أن القانون المصرى يلزم الموجب بالبقاء على إيجابه إذا حدد ميعاداً للقبول سواء أكان هذا التحديد صريحاً أم ضمنياً ( المادة 93 مدنى ) كما تقضى المادة 94 بأنه إذا صدر الإيجاب فى مجلس العقد دون أن يعين ميعاد للقبول فإن الموجب يتحلل من ايجابه إذا لم يصدر القبول فوراً ، على أن العقد يتم مع ذلك ولو لم يصدر القبول فوراً ، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن ايجابه فى الفترة ما بين الإيجاب والقبول


توقيع : yassin lhabibe





العقود التجارية الدولية 3 (تتمة) Emptyالخميس 13 يونيو 2013, 20:55
المشاركة رقم:
حلم الرجال
كبار الشخصيات

حلم الرجال

إحصائيةالعضو

ذكر
عدد المساهمات : 6070
تاريخ التسجيل : 19/04/2013
نقاط : 11387
السٌّمعَة : 12
مُساهمةموضوع: رد: العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


الاخ ياسين
بارك الله فيك
على هذا الطرح القيم ونفع بك
ولك جزيل الشكر على هذا المجهود
ونرجوا منك المزيد من الابداع والتالق
تحيتي لك



توقيع : حلم الرجال





العقود التجارية الدولية 3 (تتمة) Emptyالسبت 03 أغسطس 2013, 21:50
المشاركة رقم:
Mr nawras
المتميزين

Mr nawras

إحصائيةالعضو

ذكر
عدد المساهمات : 6340
تاريخ التسجيل : 29/05/2011
نقاط : 11780
السٌّمعَة : 18
العمر : 35
الموقع : .
المزاج : .
مُساهمةموضوع: رد: العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


العقود التجارية الدولية 3 (تتمة)


موضوع قيم وجميل
ياسين
شكرا لك على هذا الطرح
تقبل احترامي



توقيع : Mr nawras





الــرد الســـريـع
..





العقود التجارية الدولية 3 (تتمة) Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ , ولا تعبّر بأي شكل من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى