ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها
|
ما لثمت الضباب الذي يحتويها
|
جئتها و الضّحى يزرع الشمس في كل حقل و سطح
|
مثل أعواد قمح
|
فر قلبي إليها كطير إلى عشّه في الغروب
|
هل تراه استعاد الذي مر من غمره كل جرح
|
و ابتسام ؟
|
أبعد انطفاء اللهيب
|
يستطيع الرماد اتّقادا ؟ و من ؟أين ؟ من أيّ جمرة ؟
|
يا صباي الذي كان للكون عطرا و زهوا و تيها
|
كان يومي كعام تعد المسرّة
|
فيه نبضا لقلبي تفجّر منها على كلّ زهرة
|
كانت الأرض تلقى صباها لأوّل مرّة
|
كان قابيلها بذرة مستسرة
|
كان للأرض قلب أحسّ به في الدروب
|
في البساتين في كل نهر يروّي بنيها
|
آه جيكور جيكور
|
ما للضحى كالأصيل
|
يسحب النّور مثل الجناح الكليل ؟
|
ما لأكواخك المقفرات الكئيبة
|
يحبس الظل فيها نحيبه ؟
|
أين أين الصبايا يوسوسن بين النخيل
|
عن هوى كالتماع النجوم الغريبة
|
أو يجرّرن أذيالهن التي لونتهن أقمار صيف
|
أو شموس خريفيّة عند شط ظليل
|
و الشفاة ابتسامات حب و خوف
|
عجائز أو في القبور
|
عجائز يغزلن حول الصّلاء
|
و يروين عبر الكرى و الفتور
|
أقاصيص عن جنة في بيوت خواء
|
لأحفادهنّ اليتامى
|
و جيكور شابت وولى صباها
|
و أمسى هواها
|
رمادا إذا ما
|
تأوّهن هزّته ريح
|
أثارته حتى ارتمى في صداها
|
هباءا و ذرّا تضيق الصدور
|
به عن مداها
|
أين جيكور
|
جيكور ديوان شعري
|
موعد بي ألواح نعشي و قبري
|
كركرات المياه التي كسّر الشمس منها ارتجاف
|
و الأنين الذي منه كنا نخاف
|
صاعدا مثل مدّ تنز القبور
|
عنه و الشمس تمتصّ من كل نهر
|
و درابك في الأرض تنقرهنّ البذور
|
و هي تنشقّ في كل فجر
|
ذكريات كما يترك الصوت من ميّت
|
في خيال رنينه
|
مثل ناي تشظّى و أبقى أنينه
|
ايه جيكور عندي سؤال أما تسمعينه
|
هل ترى أنت في ذكرياتي دفينة
|
أم ترى أنت قبر لها ؟ فابعثيها
|
و ابعثيني
|
وهيهات ما للصّبى من رجوع
|
إن ماضيّ قبري و إني قبر ماضي
|
موت يمدّ الحياة الحزينة
|
أم حياة تمدّ الرّدى بالدموع
|
ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها .
|