..
عندما يطعن القدر قلوب الصغار يموت الأمل و يولد اليأس و معه تتوالى الصراعات و بكاء الأعين
و تتمزق الروح فتحيا حياة الجبناء يكسو مُحياها الشقاء و التعاسة فتتحجر تلك القلوب وتنكسر .
لكن هنآلك قلوب تولد إثر ذلكـ , وتحيا حياة العظماء وتتصدى لقساوة القدر بلين الروح, ومرارة الحياة بحلاوة الأمل ..
..
فجر جميل ليومٍ جديد يملؤه النشاط ويجمله صفاء السماء , وصفحة جديدة تُفتح لتسرد قصة أبطال تاين ..
على الطريق الرئيسي للمدينة وفي أحد أروقته الصغيرة // صوت بكاء .
ورجل فظ يقول في قسوة : هيا يافتى أعطني جُل ما تملكـ .
الطفل( وهو يبكي ): أقسم لكـ أني لا أملكـ إلا ثمن خبز العشاء , أرجوكـ أمي ستغضب إن لم أعد لها بالخبز .
و في نهاية هذا الطريق -مشهد آخر- // صوت ضرب حذاء على الأرض " ركض " .
هاتف يقول : "جو" يابني توقف عندكـ .
"جو" و هو يقف عن الركض : نعم ياجدة !.
الجدة : يابني أرجوكـ إحمل عني أكياس الدقيق وضعها بالعربة .
"جو" ( وهو يبتسم ) : حآضر ياجدة .
وبعد أن انتهى .
الجدة : شُكراً لكـ يابني خُذ هذا الكيس فيه خُبز جيد من الأمس لم أستطع بيعه فأطعمه لإخوتكـ .
"جو" (بفرح ): شُكرا لكي سيفرح الجميع به .
يلقى التحية عليها و يحمل الكيس على ظهره و يعود ليكمل طريقه لكنه توقف عند سماع
صوت البكاء , إستدار و إذا به يرى رواقاً و فيه طفل يبكي و هو مجروح .
"جو" : هيّ ,انت.
رفع الطفل رأسه .
"جو": مآذا "جيم" !.
بدأ "جيم" بالبكاء بصوت عالٍ وركض نحو "جو" و أمسكـ بساقه : "جو"!.
"جو" : ماذا حل بكـ ؟!, لما أنت في هذة الحاله .
"جيم" : "ديكارت" سرقني ثم قام بضربي .
"ديكارت" شاب يبلغ من العمر 23 عاما لا يعمل و لا يُعرف عنه شيئاً أبداً حتى لم يُرى له أسرة ولا أصحاب
لكن عُرف عنه أنه ابن عائلة غنية دآئم الشراب و كُل مايقوم به هو أذية الناس خاصة الضُعفاء منهم .
"جيم"(وقد اشتد بكاءه ) : أمي ستغضب ,النقود كانت ثمن خُبز العشاء .
"جو"( بغضب ) : اللعنة عليه , حسناً "جيم" خُذ من هذا الخبز مايكفيكـ أنت وأمكـ .
"جيم" (بفرح) : شُكرا لكـ , حقاً شُكرا لكـ , أمي لن تغضب الآن ولن توبخني .
عاد "جيم" إلي منزله و ذهب "جو" لمكان عمله مُسرعاً , و قضيا بقية اليوم كالمُعتاد .
حين غروب الشمس حان موعد عودة الجميع الى المنزل .
"جو" بصوتٍ عالٍ وهو يدخل : مرحباً أيها الاشقياء .
الجميع (بصراخ) : مرحى , عاد "جو" عاد "جو".
..
"جو" فتى في عمر الخامسه عشر يعيش في منزل قديم يأوي مجموعة من اليتامى, وقد عاشوا في حُقبة من الزمن
كآنت الناس تقلل كثيراً من شأن اليتيم , بل يصل بالبعض معاملتهم كالحيونات بل أشد
وهذا المنزل مِلكـ لفتاة تُدعى "روز" عمرها قرابة الثالثة عشر , و هو ما تبقى لها من أسرتها بعد أن ماتوا جميعا في الحرب
فعاشت في البداية مع أصدقائها من الميتم "جو" و "دانيال" و "مارشيال" البالغين من العمر 14 سنه ,
و "سام" الذي كان بنفس عمرها حتى قرروا أن يكون هذا االمنزل كالملجاء للأيتام يساعدون به من لا أسرة لهم .
وبالفعل ضموا لهم خمسة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف وأكبرهم بعمر الخامسة ,
وقد كان يعمل "جو" لدى طبيب المدينة مُساعداً له ,أما "مارشيال" و"دانيال" فقد كانا يعملان في سكة القطار
يحملان الفحم ويقومان بالتنظيف , وأما "سام" فقد كان يعمل في تنظيف مبنى المحكمة
إضافة الي عملة بمساعدة بائع الخبز .
ورغم ما عانوه من ظلم الناس ورجال القانون ألا أنهم وقفوا ضد الجميع , ولم يكترثوا لتسمية الناس لهم بـ"قطع النفايات"
بل حاولوا العيش كأي شخص ,لكن بسبب حادثة كانت حديث الدولة كُلها عرفوا بـ"أبطال تاين "
نسبة الي النهر الذي حدثت به الحادثة .
"جو" : عُدت إليكم ومعي الكثير من الخبز والحليب .
"روز" : ها , ومن أين لكـ كُل هذا ؟!.
"جو" : الخبز أعطتني إياه الجدة" إليز" مقابل مساعدتي لها بحمل أكياس الدقيق
, والحليب اشتريته بسعرٍ زهيد من العم "بيت" لأني ساعدته هو الآخر بتنظيف عربته .
// يُفتح الباب .
: ماذا أنت عُدت !.
"جو" : مرحباً شباب . كيف كآن العمل ؟.
مارشيال : سيء رفض ذلكـ الجرذ أن يُعطينا مالنا كاملا , بل يقول :" غيري لم يوظفكم حتى ".
"دان" : فقط أريد أ أن أعلم يا"جو" من أين لك كل هذا المال ؟!.
"مارشيال" : لا وأيضاً يذهب مُتاخراً ويعود قبلنا و ثيابه بأفضل حال .
"جو" ( وهو يضحك) : سّر .
"روز" : صمتاً كلوا طعامكم , واذهبوا إلي أسرتكم .
الجميع: حآضر .
وبعد أن انتهى الجميع وغادروا إلي أسرتهم التي كانت من القش والحصير بدأت السماء تمطر .
في هذة الأثناء أخذت "روز" تباشر تنظيف المنزل ,
وبعد مُدة سَكن الجو و أظلمت السماء و أصبح لا يسمع إلا صوت دقات المطر علي الأسقف ,
سمعت "روز" صوت ارتطام قوي بالأرض أمام باب المنزل ,
شعرت الفتاة بالخوف لكن تمالكت نفسها , و فتحت الباب فلم ترى شيئا سوى الحطام الموجود بجانب الباب ,
إستدارت وهمت بإغلاق الباب حينها شعرت بيد ضخمة تغطى وجهها حاولت الصُراخ لم تستطع فبدأت تلقائيا بالبكاء
و بكل قوة حاولت أن تقاوم , حتى استدارت لكنها دُفعت بقوة إلى الأرض
فسقطت و اذا به ذلك الشاب "ديكارت" و رائحة الشراب النتنه تفوح منه ,
حاولت الحراكـ لكن دون جدوى فبدأت بالبكاء أكثر من السابق حتى غرقت عيناها بالدموع ,و أغمضت عينيها من شدة الخوف
لكن سمعت صوتاً قويا وأحست بقطرات تسقط على وجهها,
فتحت عيناها بسرعة و اذا بـ "جو" يلهث حاملاً قطعة من الخشب , والدم يسري عليها
و"ديكارت" في حالة صدمة و الدم يسيل من رأسه وظل هكذا حتى باشر "جو" بضربة مرة أخرى ضربه أسقطته أرضا
ففزعت "روز" و غادرت مكانها بسرعة و همت بالصراخ لكن أغلق فمها "دانيال" .
"دانيال" : اصمتي سيسمع الناس صرآخكـ , "جو" مذا نفعل ؟!
"جو" في حالة صدمة و لم يحرك ساكنا, يقوم بصفعه "مارشيال" ( بغضب) قائلا : ماذا نفعل ؟!.
"جو" : ها , ( بخوف ) , لنرميه عند النهر, إن استيقظ لن يجرؤ على الحديث ,
وإن مات لن يعلم أحد بأمرنا , أسرع أيقظ "سام" .
"دانيال" : حسناً .
قاموا الأربعة بوضعه فوق قطعة قماش كبيرة و حملوه حتى وضعوه بجانب النهر و عادوا بسرعه .
لحضات من الصمت بملؤعا الرعب , يقطعها صوت ازدياد المطر حتى بداء بالخرير من السقف
فقام "دانيال" بوضع أوعية تحت الشقوق الكبيرة .
وبعد مُضي بضع ساعات حيث كان المطر يزداد شيئاً فشيئا سمعوا صوت صراخ .
..
: الغرقى , الغرقى , الغرقى في النهر .
"روز" : يا إلهي "ديكارت" !.
"دانيال" : إصمتى من الأفضل أن يغرق و يرتاح الناس من بؤسه .
"جو" ( وهو يقف ) : قد يكون غير "ديكارت" , سأذهب للتفقد من سيذهب معي ؟!.
في حالة تردد وخوف من الجميع قال "دان" : سأذهب .
"مارشيال" : و أنا .
"سام" : و أنا كذلكـ .
"روز" ( بخوف) : حسنا و أنا أيضا .
وعندما وصلو عند النهر كانت الرياح قوية جدا والأمطار غزيرة و مياه النهر تتضارب بشدة
و إذ بالرجال والنساء قد وقفوا قرب النهر في حالة عجز .
دخلوا هؤلاء الفتية و دافعوا الصفوف حتى تقدموها و شاهدوا المشهد .
رجلان في وسط النهر ممسكان بنهاية حبل لأحد القوارب قد ربط أوله في غُضن شجرة
و أحدهم رجلٌ غريب يحمل طفلين و خلفه كآن "ديكارت" مُستيقظ و في حالة هلع و كانت قرب النهر امرأه تبكي و تصرخ .
: أنقذوا أطفالي و زوجي .
إستدار "جو" إلى مجموعة من الرجال قائلا : هيا لننقذهم .
لكن لم يجد من هؤلاء سوى نظرات الرعب و الخوف ,
بداء ينظر يميناً و يساراً و ينادي :لننقذهم , لكن لم يجبه أحد فصرخ "ج"و بوجه "دانيال" :
إذهب لطبيب و أحضر منه حبلاً و أنت يا "مارشيال" إذهب واجمع من الرجال ماتستطيع ,
وبعد برهه عاد "دانيال" و معه الحبل .
"جو" قائلا : إربط الحبل على الشجرة .
ثم أمسكـ "جو" بالجزء الآخر من الحبل و ربط نفسه به .
وفي أثناء هذة اللحضات سمعوا صوتا و إذا به غضن الشجرة الذي كان فيها الحبل قد انكسر جزء منه .
لحظات من الخوف يملؤها صراخ النساء و بكاء الأطفال...
لحظات توقفت خلالها دقات القلوب و لم يتبقى سوى صوت دقات المطر .
"جو" : أسرع و اربط الحبل .
قفز "جو" إلى النهر و حينها عاد "مارشيال " و معه مجموعة من الرجال, وصل "جو" إلي الرجل وقال له :
" هيا " رد الرجل قائلا :" خُذ آطفالي أولا"
فحمل "جو" الطفل الأصغر و سحب "مارشيال" و "دانيال" وبعض الرجال الحبل , ثم عاد وأخذ الطفل الآخر ثم عاد الى الرجل
و قبل أن يمسكـ الرجل قال "ديكارت" :" جو أرجوكـ عُد من أجلي "
تذكر "جو" في تلكـ اللحظات مافعله "ديكارت" بـ"روز" فملئه الغضب و بقوةٍ قام بدفع "ديكارت" بقدمه حتى نزل تحت المياه
و كاد أن يغرق , عاد "جو" بالرجل و خرج من النهر سالما .
قال أحد الرجال : عُد و أحضر "ديكارت" .
رجل آخر : لا . إتركه فهذا جزاؤه .
"جو" : يستحــ... و قبل أن يكمل إنكسر الغُصن بالكامل لكن توقف بين صخرتين قرب النهر ,
همّ الجميع بالعودة مُسعفين الرجل الغريب و أبنائه .
"جو" ( وهو ينظر إلى "روز" واقفه ويضع يده على كتفها ) : هيا بنا لنعود , ستمرضين إن استمريتي بالبقاء .
"روز" تضرب يد "جو" و تُبعدها عنها وترفع راسها وتشاهده بنظرات ملؤها الغضب والدموع ,
ثم تجري مُسرعه نحو النهر و بلحظات تربط الحبل عليها و تقفز نحو النهر .
سمع الناس صوت شيء سقط بالماء فاستداروا جميعاً و مرت لحظات من الدهشه يملؤها الجهل والخوف
حتى فوجئوا بظهور "روز" في النهر تحاول إنقاذ "ديكارت" فعاد "دانيال" و "مارشيال" مسرعين و معهم بعض رجال ,
وقاموا بسحبهم من النهر .
"ديكارت" و هو يلفظ أنفاسه بصعوبه : شُكراً لكِ .
"روز" :..................... تعود دون أن تقول أي شيء سوى أن دموعها اختلطت بمياة المطر على وجهها .
..
و في صباح اليوم التالي الذي كان يوم عُطلة من العمل , غادر جميع الفتية و معهم الأطفال في نُزهة .
و توقفوا عند بائع الخبز ليشتروا خبزا .
"جو" : يا عم أريد خبزا من أمس و سأدفع لكـ ربع السعر .
إستدار لهم بائع الخبز ثم نظر إليهم مُندهشا و قال : ماذا !! انتم!.
ثم تبسم ابتسامة عريضة و قام من مكانه و قدم لهم أفخر أنواع الخبز الطازج بسلة كبيرة .
"روز": ها !! , نحن لا نستطيع شراء ربع رغيف خبزٍ عادي فما بالكـ بهذا النوع ,
بائع الخبز : كُـــــله لكم مجاناً.
بائع الخبز و هو يصرخ بأعلى صوته : يا جماعة أنظروا هنا , أنظروا من أتى , إنهم أبطال تاين .
أقبل الجميع يشاهدون الفتية في صمت تحول في ثوانٍ إلي صراخ و صفير و ضحكـ قائلين :" أبطال تاين , أبطال تاين "
صحيح أنقذوا هؤلاء الأربعه و حسب لكن لم يكونوا أي أربعة
فقد كانت تلك الأسرة أسرة وزير الملكـ و قد قدم إلي هذه المدينة باحثاً عن ابن الملكـ الهارب ,
الذي لم يكن إلا "ديكارت" , وبالطبع بعد الذي حدث له إقتنع بالعودة الي القصر لكن لم يكتفي بذآلكـ فلقد أسف كثيرا على
أذية هؤلاء الصبية لذا أرسل بالكثير لهم , و قدم لهم الكثير من المساعده حتى أمر بأن يدخلوا إلى أرقى المدارس و أفضلها .
وبقى ذلكـ المنزل القديم يحمل اسم .. منزل "أبطال تاين" .
صفحاتي البيضاء لن تُدنسها أفعالكـ السوداء | ابطال تاين |
الأحد 21 أبريل 2024, 19:37
موضوع: صفحاتي البيضاء لن تُدنسها أفعالكـ السوداء | ابطال تاين |
